للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٤ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالفقهاء.

٥ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ: أبي الزناد، عن الأعرج، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ) أي في جهة المشرق، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قوله: "رأس الكفر إلخ" إشارة إلى من نبّه عليه من أهل نجد، وربيعة، ومُضر؛ لأنهم الذين عاندوا النبوّة، وقَسَوْا عن إجابة الحقّ، وقبول الدعوة، وهم بالصفة التي وَصَفَ أهلُ خيل وإبل، وأصحابُ وَبَر، ونجدٌ مشرقٌ من المدينة، أو من تبوك على ما ذُكِر أنه قال بعض هذا الحديث بتبوك.

والمراد برأس الكفر مُعظمه وشرّه، وقد تأوّل بعضهم أنه قال ذلك، وأهل المشرق يومئذ أهل كفر، وأن مراده بقوله: "رأس الكفر نحو المشرق" فارس، وما ذكرناه أولى لقوله في الحديث: "أهل الوبر قبل مطلع الشمس"، وفارس ليسوا أهل وَبَر، وقوله: "من ربيعة ومضر"، وأن الموصوفين بعد ذلك بالجفاء والخيلاء هم أولئك لا غيرهم، ويؤيّده قوله في الحديث الآخر: "اللهم اشدُد وطأتك على مضر قال في الحديث: "وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له"، ويكون هذا الكفر ما كانوا عليه من عداوة الدين والتعصّب عليه، ويعضده حديث ابن عمر - رضي الله عنه - عنه - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "اللهم بارك لنا في يمننا، وفي شامنا قالوا: يا رسول الله: وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: "هنالك الزلازل، والطاعون، وبها يطلع قرن الشيطان"، رواه البخاريّ. انتهى كلام القاضي (١)، وهو بحث نفيسٌ.

وقال في "الفتح": وفي ذلك إشارة إلى شدّة كفر المجوس؛ لأن مملكة الفُرْس، ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية القسوة والتكبّر والتجبّر حتى مزّق مَلِكُهُمْ كتاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فدعا عليهم أن يُمزقوا كلَّ مُمَزَّق، فمزّق الله تعالى ملكهم (٢).


(١) "إكمال المعلم" ١/ ٣١١ - ٣١٢.
(٢) راجع: "الفتح" ٦/ ٤٢٤ "كتاب بدء الخلق" رقم (٣٣٠٠).