فائدة: ذكر بعض المحققين أن "اللَّهم" تستعمل على ثلاثة أوجه:
"أحدها": النداء المحض، نحو: اللَّهم أثِبْنَا.
"ثانيها": أن يذكرها المجيب تمكينًا للجواب في ذهن السامع، نحو: اللَّهم نعم، في جواب: أزيد قائم؟.
"ثالثها": أن لستعمل دليلًا على الندرة، وقلة وقوع المذكور؛ نحو: أنا أزورك، اللَّهم إذا لَمْ تَدْعُنِي؛ إذ الزيارة مع عدم الطلب قليلة، ومنه قول المؤلفين: اللَّهم إلَّا أن يقال كذا، قيل: وهي على هذين موقوفة، لا معربة، ولا مبنية؛ لخروجها عن النداء، فهي غير مركبة، لكن استظهر العلامة الصبان -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "حاشيته على الأشمونيّ" بقاءها على النداء مع دلالتها على التمكين، أو الندرة، فتكون معربة كالأول، ولو سُلِّم، فيقال: إنه منادى سورة، فله حكمه. انتهى.
(أَنْتَ الْمَلِكُ) أي: القادر على كل شيء، المالك الحقيقيّ لجميع المخلوقات (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) أي: لا معبود بحقّ غيرك (أَنْتَ رَبِّي) أي: مالكي، وسيّدي، والمتصرّف في جميع أموري (وَأَنَا عَبْدُكَ) أي: معترف بأنك مالكي، ومدبري، وحكمك نافذ فِيَّ، وقوله:(ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي) اعترافٌ بما يوجب نقص حظ النفس من ملابسة المعاصي تأدُّبًا، وأراد بالنفس هنا الذات المشتملة على الروح، وقال الأزهريُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اعتراف بالذنب، قَدَّمه على مسألة اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- المغفرة، كما علَّمَ آدم -عَلَيْهِ السَّلَام- عند خطيئته أن يقول:{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف: ٢٣] وقال تعالى حكاية عن آدم -عَلَيْهِ السَّلَام-: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} الآية [البقرة: ٣٧]. انتهى.
(فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا) أي: استرها بعفوك، ولا تؤاخذني بها، وقوله:(إِنَّهُ) بالكسر؛ لوقوعها في محلّ الاستئناف، والضمير للشأن (لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) جملة تعليلية لطلبه أن يغفر له جميع ذنوبه؛ أي: لأنه لا يغفر الذنوب كلّها إلَّا أنت.
(وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ) أي: أرشدني لصوابها ووفّقني للتخلّق بها، وثبّتني عليها.