للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(إِنَّ صَلَاِتِي) قال الأزهريُّ: الصلاة اسم جامع للتكبير والقراءة والركوع والسجود والدعاء والتشهّد وغيرها (وَنُسُكِي) بضمتين، وهو كما قال الأزهريّ: العبادة، والناسك الذي يخلص عبادته للَّه تعالى، وأصله من النسيكة، وهي النُّقْرة الخالصة الْمُذابةُ الْمُصَفّاة من كل خِلْط، والنسيكة أيضًا الْقِربان الذي يُتقرّب به إلى اللَّه تعالى، وقيل: النسك ما أَمَر به الشرع، وعطفه على "صلاتي" من عطف العامّ على الخاصّ.

(وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) أي: حياتي وموتي، ويجوز فيهما فتح الياء، وإسكانها، والأكثرون على فتح "محياي"، وإسكان "مماتي" (لِلَّهِ) أي: هو خالقهما ومقدّرهما، أو هو المالك لهما والمتصرّف فيهما، لا تصرّف لغيره فيهما، وقيل: طاعة الحياة، والخيرات المضافة إلى الممات، كالوصيّة والتدبير، أو ما أنا عليه من العبادة في حياتي، وما أموت عليه خالصةٌ لوجه اللَّه تعالى، والجارّ والمجرور خبر "إنّ".

وقوله: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) بالجرّ صفة لـ "اللَّه"، أو عطف بيان، قال الواحديّ وغيره: هذه لام الإضافة، ولها معنيان: الملك، كقولك: المال لزيد، والاستحقاق، كالسرجُ للفرس، وكلاهما مراد هنا، وتقدّم في "شرح المقدّمة" بيان معنى "ربّ"، ومعنى "العالمين"، فراجعه تستفد علمًا جمًّا.

(لَا شَرِيكَ لَهُ) جملة في محلّ نصب على الحال من "اللَّه"؛ أي: حال كونه غيرَ مُشارَك في هذه الأمور.

(وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) أي: أمرني اللَّه تعالى بالمذكور من التوحيد الشامل للإخلاص، قولًا واعتقادًا (وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي: المستسلمين لأمر اللَّه، الخاضعين له، المنقادين لطاعته.

وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: مسلم من المسلمين المتمكّنين في الاستسلام الذين سَلَّمُوا للنيران (١)، وأموالهم للضيفان، وولدهم للقربان، وفوّضُوا جميع أمورهم للرحمن. انتهى.

وفي الرواية التالية: "وأنا أوّل المسلمين"، قال الشافعي: لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أول مسلمي هذه الأمة.


(١) فقد ألقي إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَام- في النار، وأراد أن يذبح ولده.