للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أربعًا، فقد صلى من لا بأس به، وإن صليت ركعتين، فقد صلى من لا بأس به. وقد روينا عن عائشة أنها كانت تتم في السفر. انتهى كلام ابن المنذر باختصار (١).

وقال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر نحو ما تقدّم من الاختلاف ما حاصله: واحتجّ القائلون بوجوب القصر بحجج:

الأولى: ملازمة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للقصر في جميع أسفاره، كما في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- المذكور في الباب، ولم يثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أتمّ الرباعية في السفر البتة، كما قال ابن القيِّم.

وأما حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: "كان يقصر في السفر، ويُتمّ"، فلا يصحّ مرفوعًا (٢).

ويُجاب عن هذه الحجة بأن مجرد الملازمة لا يدلّ على الوجوب، كما ذهب إلى ذلك جمهور أئمة الأصول وغيرهم.

والحجة الثانية: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- المتفق عليه بألفاظ:

(منها): "فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر"، وهو دليل ناهض على الوجوب؛ لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها، كما أنه لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر.

وقد أجيب عن هذه الحجة بأجوبة:

(منها): أن الحديث من قول عائشة -رضي اللَّه عنها- غير مرفوع، وأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة، وأنه لو كان ثابتًا لنُقل تواترًا، قال: وهذا فيه نظرٌ لا يخفى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تُعُقّب هذا بأنه مما لا مَجال للرأي فيه فله حكم الرفع، وعلى تقدير تسليم أنها لم تُدرك القصة يكون مرسلَ صحابي،


(١) "الأوسط" ٤/ ٣٣٢ - ٣٣٥.
(٢) راجع: "إرواء الغليل" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٣/ ٦ - ٩ فقد أشبع الكلام على هذا الحديث.