ابن عمر، خلاف الرواية الأولى، ورُوي عن طاوس أنه قال: القنوت في الوتر بدعة، وحكى ابن وهب عن مالك أنه قال: ما أقنت في الوتر في رمضان، ولا في غيره، ولا أعرف القنوت قديمًا. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- بتصرف.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الأرجح عندي المذهب الأول؛ لصحة حديث الحسن -رضي اللَّه عنه-، فيستحبّ القنوت في الوتر في جميع السنة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في محلّ القنوت، هل بعد الركوع، أم قبله؟:
(اعلم): أن هذه المسألة تقدّمت في ضمن المسألة الماضية، ولكن نزيدها بحثًا خاصّا بها؛ للإيضاح، فنقول:
قال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلف أهل العلم في القنوت قبل الركوع وبعده:
فممن رُوي عنه أنه قنت قبل أن يركع: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وابن عباس، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وحميد الطويل، وعَبِيدة السلماني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وكذلك إسحاق، وعامة من ذكرنا أنه رأى القنوت قبل الركوع، أو بعده، فإنما هو في صلاة الصبح.
قال: وقال أصحاب الرأي: بلغنا أنه قنت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدما فرغ من القراءة قبل أن يركع، وليس في الصلوات قنوت إلا الوتر.
وفيه قول ثان: وهو أن القنوت بعد الركوع، روي هذا القول عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وقال أنس بن مالك: كل ذلك كنا نفعل قبلُ، وبعدُ، وممن رأى أنه يقنت بعد الركوع أيوب السختياني، وأحمد بن حنبل، وروي هذا القول عن الحسن، والحكم، وحماد، وأبي إسحاق.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثبتت الأخبار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قنت بعد الركوع في صلاة الصبح، وبه نقول، إذا نزلت نازلة، احتاج الناس من أجلها إلى