للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- عند ابن خزيمة في "صحيحه": "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم". ومن حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عند ابن حبان بلفظ: "كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد، أو يدعو على أحد"، قال: وقد حاول جماعة من حُذّاق الشافعية الجمع بين الأحاديث بما لا طائل تحته، وأطالوا الاستدلال على مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير طائل. انتهى.

هذا كله في غير الوتر، وأما القنوت في الوتر، فسيأتي الكلام عليه في المسألة التالية -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في القنوت في صلاة الوتر:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم نجد في هذا الباب خبرًا أعلى من خبر بُريد، عن أبي الْحَوْراء، عن الحسن -يعني ما أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، عن أبي الْحَوْراء، قال: قال الحسن: علّمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلمات أقولهن في الوتر في القنوت: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يَذِلُّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت"، وهو حديث صحيحٌ.

قال: وقد اختَلَفَ أهل العلم في القنوت في الوتر، فرأت طائفة أن يقنت في السنَة كلها في الوتر، وممن رأى ذلك عبد اللَّه بن مسعود، والحسن البصريّ، وإبراهيم النخعيّ، وإسحاق، وأبو ثور.

وذهبت طائفة إلى أن لا يقنت إلا في النصف الثاني من شهر رمضان، رُوي ذلك عن عليّ بن أبي طالب، وأُبيّ بن كعب، وكان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يفعله، وكذا معاذ القارئ، وبه قال محمد بن سيرين، وسعيد بن أبي الحسن، ويحيى بن وثّاب، والزهريّ، وبه قال مالك بن أنس، والشافعيّ، وأحمد. وذهبت طائفة إلى أنه يقنت في السنَة كلها في الوتر إلا في النصف الأول من رمضان، كذلك قال الحسن، خلاف القول الأول، وبه قال قتادة، ومعمر.

وذهبت طائفة إلى أنه لا يقنت في الوتر، ولا في الصبح، رُوي ذلك عن