للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لم يُعْرَف عنده بما يُخْشَى عليه من النفاق، ولم يَثُبت ذلك ببينة، وإنما رُمِي بذلك، بخلاف الثلاثة الذين خُلِّفوا؛ فإنهم اعترفوا بما يُخْشَى عليهم منه النفاق؛ ولهذا عَذَرَ المعتذرين ووَكَلَهم إلى اللَّه، وكان كثيرٌ منهم كاذبًا. انتهى ملخّصًا مما كتبه ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١) في "شرح البخاريّ" (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في بيان الأعذار التي تُبيح التخلّف عن فرض صلاة الجماعة:

(اعلم): أنه ذَكَر الإمام الحافظ أبو حاتم بن حبان -رَحِمَهُ اللَّهُ- الأعذار التي تسقط فرض الجماعة، فقال: وأما العذر الذي يكون المتخلف عن إتيان الجماعات به معذورًا، فقد تتبعته في السنن كلها، فوجدتها تدل على أن العذر عشرة أشياء، ثم ذكرها، وهاك خلاصتها، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

(الأول): المرض الذي لا يقدر المرء معه أن يأتي الجماعات، لحديث أنس -رضي اللَّه عنه- في كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- كشف الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، فأراد أبو بكر أن يرتدّ، فأشار إليهم أن امكثوا، وألقى السجف.

(الثاني): حضور الطعام؛ لحديث: "إذا حَضَر العشاءُ، وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء"، متّفقٌ عليه.

(الثالث): النسيان الذي يَعْرِض في بعض الأحوال؛ لحديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- في نومهم عن صلاة الصبح، متّفقٌ عليه.

(الرابع): السِّمَنُ الْمُفْرِط الذي يمنع المرء من حضور الجماعات؛ لحديث أنس -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رجل من الأنصار -وكان ضخمًا- للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إني لا أستطيع الصلاة معك، فلو أتيتَ منزلي، فصليت فيه، فأقتدي بك، فصنع له الرجل طعامًا، ودعاه إلى بيته، فبسط له طرف حصير لهم، فصلى عليه ركعتين (٣).


(١) يبدأ كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- من رقم (٦) إلى (١٢).
(٢) راجع: "فتح الباري" لابن رجب ٣/ ١٧٦ - ١٩٠.
(٣) أخرجه البخاريّ في "صحيحه" بنحوه.