السيول لا تدوم، وقد رَخَّص له في الصلاة في بيته بكل حال، ولم يخصه بحالة وجود السيل، وابن أم مكتوم قد ذكر أن المدينة كثيرة الهوام والسباع، وذلك يقوم مقام السيل المخوف.
وقيل: إن ابن أم مكتوم كان قريبًا من المسجد، بخلاف عتبان، ولهذا ورد في بعض طرق حديث ابن أم مكتوم: أنه كان يسمع الإقامة، ولكن في بعض الروايات أنه أخبر أن منزله شاسع كما تقدم.
ومن الناس من أشار إلى نسخ حديث ابن أم مكتوم بحديث عتبان، فإن الأعذار التي ذكرها ابن أم مكتوم يكفي بعضها في سقوط حضور المسجد.
وقد أشار الجْوُزَجاني إلى أن حديث ابن أم مكتوم لم يقل أحد بظاهره.
يعني: أن هذا لم يوجب حضور المسجد على من كان حاله كحال ابن أم مكتوم.
وقيل: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما أراد أنه لا يجد لابن أم مكتوم رخصة في حصول فضيلة الجماعة مع تخلفه وصلاته في بيته.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد قدّمت أن هذا الوجه من الجمع هو الأقرب عندي، واللَّه تعالى أعلم.
قال: واستَدَلّ بعض من نصر ذلك -وهو: البيهقي- بما خرّجه في "سننه" من طريق أبي شهاب الحناط، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن ابن أم مكتوم، قال: قلت: يا رسول اللَّه، إن لي قائدًا لا يلائمني في هاتين الصلاتين؟ قَالَ:"أيّ الصلاتين؟ " قلت: العشاء والصبح، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو يعلم القاعد عنهما ما فيهما لأتاهما ولو حبوًا".
وحديث ابن أم مكتوم يدل على أن العمى ليس بعذر في ترك الجماعة، إذا كان قادرًا على إتيانها، وهو مذهب أصحابنا.
ولو لم يمكنه المجيء إلا بقائد ووجد قائدًا متبرعًا له، فهل يجب عليه حضور المسجد؟ على وجهين، ذكرهما ابن حامد من أصحابنا.
وهذا بناء على قول أحمد: إن حضور المسجد للجماعة فرض عين.
وقد يُستَدَلّ بحديث عتبان على أن الجماعة في البيت تكفي من حضور المسجد خصوصًا للأعذار.