للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يصلّون في بيوتهم، ليست بهم علّة"، فتبيّن بها أن الوعيد على ترك الجماعة بغير عذر، لا على ترك الصلاة، فدلالة الحديث على وجوب الجماعة واضحة، كما أسلفنا تحقيقه، ويدلّ أيضًا على أن الأعذار تبيح التخلّف عن الجماعة، وإن كانت واجبةً (فَآمُرَ) بالمدّ، وضم الميم (بِهِمْ) أي بهؤلاء المتخلّفين (فَيُحَرِّقُوا) بالبناء للفاعل، وهو بتشديد الراء، وفيه إشعار بالتكثير والمبالغة في التحريق، ويَحْتَمل أن يكون من الإحراق.

[تنبيه]: الواو في "يُحرّقوا" يعود إلى محذوف، كما بيّنته الرواية الأخرى، والأصل: ثم أخالف برجال معهم حُزم حطب، فيُحرّقوا. . . إلخ، واللَّه تعالى أعلم.

(عَلَيْهِمْ) أي على المتخلّفين عن الجماعة، وهو يُشعر بأن العقوبة ليست قاصرة على المال، بل المراد تحريق المقصودين، والبيوت تبعًا للقاطنين بها، وفي رواية أبي صالح الآتية: "فأحرق بيوتًا على من فيها"، قاله في "الفتح".

(بِحُزَمِ الْحَطَبِ) متعلّق بـ "يحرّقوا"، و"الْحُزَم" بضم الحاء المهملة، وفتح الزاي: جمع حُزْمة، بضمّ، فسكون، كغُرْفة وغُرَف، قاله في "المصباح" (١)، وفي "اللسان": وحَزَمَ الشيءَ حَزْمًا -من باب ضرب-: شدّه، والْحُزْمة: ما حُزِمَ (٢). انتهى (٣).

و"الحطب": كلُّ ما جَفّ من زرع، وشجر، توقد به النار، وشوكُ العِضَاه، وإضافة "حُزَم" إلى"الحطب" بمعنى: "من وقوله: (بُيُوتَهُمْ) منصوب على المفعوليّة لـ "يُحرّقوا".

(وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ) وفي رواية البخاريّ: "والذي نفسي بيده، لو يعلم. . . إلخ" بإعادة القسم للتأكيد (أَنَّهُ يَجِدُ) أي في المسجد (عَظْمًا سَمِينًا) وفي رواية البخاريّ: "عرقًا سمينًا"، وهو بفتح العين المهملة، وسكون الراء، بعدها


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) وفسّر بعضهم الْحُزْمة بما يَحمِله إنسان، أو حيوان، من مجموع الحطب وغيره، انظر ما كتبه محمد ذهني في هامش النسخة التركيّة لـ "صحيح مسلم" ٢/ ١٢٣.
(٣) "لسان العرب" ١٢/ ١٣١.