وهي شاذّة مخالفة لرواية الحفاظ من أصحاب عبيد اللَّه، وأصحاب نافع، وإن كان راويها ثقة.
قال: وأما ما وقع عند مسلم، من رواية الضحاك بن عثمان، عن نافع بلفظ:"بضع وعشرين"، فليست مغايرة لرواية الحفاظ؛ لصدق البضع على السبع، وأما غير ابن عمر، فصح عن أبي سعيد، وأبي هريرة، كما في هذا الباب، وعن ابن مسعود عند أحمد، وابن خزيمة، وعن أُبَيّ بن كعب عند ابن ماجه، والحاكم، وعن عائشة، وأنس عند السرّاج، وورد أيضًا من طرق ضعيفة عن معاذ، وصهيب، وعبد اللَّه بن زيد، وزيد بن ثابت، وكلُّها عند الطبراني، واتفق الجميع على خمس وعشرين سوى رواية أُبَيّ، فقال:"أربع"، أو "خمس" على الشك، وسوى رواية لأبي هريرة عند أحمد، قال فيها:"سبع وعشرون" وفي إسنادها شريك القاضي، وفي حفظه ضعف.
وفي رواية لأبي عوانة:"بضعًا وعشرين"، وليست مغايرة أيضًا، لصدق البضع على الخمس، فرجعت الروايات كلها إلى الخمس، والسبع؛ إذ لا أثر للشكّ.
واختُلِف في أيهما أرجح، فقيل: رواية الخمس؛ لكثرة رواتها، وقيل: رواية السبع؛ لأن فيها زيادةً من عدل حافظ.
ووقع الاختلاف في موضع آخر من الحديث، وهو مميز العدد المذكور، ففي الروايات كلها التعبير بقوله:"درجة"، أو حذف المميّز، إلَّا طريق حديث أبي هريرة، ففي بعضها:"ضِعْفًا"، وفي بعضها:"جُزْءًا"، وفي بعضها:"درجةً"، وفي بعضها:"صلاةً"، ووقع هذا الأخير في بعض طرق حديث أنس، والظاهر أن ذلك من تصرف الرواة، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك من التفنن في العبارة.
وأما قول ابن الأثير: إنما قال: "درجة"، ولم يقل: جزءًا، ولا نصيبًا، ولا حظًا، ولا نحو ذلك؛ لأنه أراد الثواب من جهة العلو والارتفاع، فإن تلك فوق هذه بكذا وكذا درجة؛ لأن الدرجات إلى جهة فوقُ، فكأنه بناه على أن الأصل لفظ "درجة"، وما عدا ذلك من تصرف الرواة، لكن نفيه ورود الجزء مردود، فإنه ثابت، وكذلك الضعف. انتهى.