ذَلِكَ، إنما قصد بِهِ التوصل إلى معرفة أمه منهما بظهور شفقتها ورقّتها عَلَى ولدها.
والجواب: أَنَّهُ لا يصح حمل الحَدِيْث عَلَى شيء من ذَلِكَ.
أما حمله عَلَى الجمعة وحدها فغير صحيح.
وفي ذكر النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شهود العشاء فِي تمام الحَدِيْث مَا يدل عَلَى أن صلاة العشاء الموبَّخ عَلَى ترك شهودها هِيَ المراد.
وقد روي ذَلِكَ عَن سَعِيد بْن المُسَيِّب، وأنها داخلة فِي عموم الصلاة؛ فإن الاسم المفرد المحلى بالألف واللام يعم، كما فِي قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣]، وهذا قَوْل جماعة من العلماء.
وقد جَاءَ التصريح بالتحريق عَلَى من تخلف عَن صلاة العشاء.
فروى الحميدي عَن سُفْيَان: ثنا أبو الزناد، عَن الأعرج، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ:"لَقَدْ هممت أن أقيم الصلاة صلاة العشاء، ثُمَّ آمر فتياني فيخالفوا إلى بيوت أقوام يتخلفون عَن صلاة العشاء، فيحرقون عليهم بحزم الحطب"، وذكر بقية الحَدِيْث.
وروى ابن أَبِي ذئب، عَن عجلان مَوْلَى الْمُشْمَعِلّ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ:"لينتهين رجال ممن حول المسجد، لا يشهدون العشاء الآخرة فِي الجمع، أو لأحرقن حول بيوتهم بحزم الحطب".
خرّجه الإمام أحمد.
وخرّج -أيضًا- من حَدِيْث أَبِي معشر، عَن سَعِيد المقبري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ:"لولا مَا فِي البيوت من النِّسَاء والذرية أقمت صلاة العشاء، وأمرت فتياني يحرقون مَا فِي البيوت بالنار".
وروى عاصم، عَن أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أخر رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة العشاء حَتَّى تهوّر الليل وذهب ثلثه أو قريبًا مِنْهُ، ثُمَّ خرج إلى المسجد، فإذا النَّاس عزون، وإذا هم قليل، فغضب غضبًا مَا أعلم أني رأيته غضب غضبًا قط أشد مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: "لَوْ أن رجلًا نادى النَّاس إلى عرق أو مرماتين أتوه لذلك [ولم يتخلفوا]، وهم يتخلفون عَن هذه الصلاة، لَقَدْ هممت أن آمر رجلًا