حاتم، وهو أحد قولي ابن عمر، وابن عباس، نقله مالك والترمذيّ عنهما، ونقله مالك بلاغًا عن عليّ، والمعروف عنه خلافه.
ورَوَى ابنُ جرير من طريق عوف الأعرابي، عن أبي رَجَاء العُطَارديّ، قال:"صليت خلف ابن عباس الصبح، فقَنَتَ فيها، ورفع يديه، ثم قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمِرْنَا أن نقوم فيها قانتين". وأخرجه أيضًا من وجه آخر عنه، وعن ابن عمر، ومن طريق أبي العالية:"صليت خلف عبد اللَّه بن قيس بالبصرة في زمن عمر صلاة الغداة، فقلت لهم: ما الصلاة الوسطى؟ قال: هي هذه الصلاة".
وهو قول مالك، والشافعيّ فيما نص عليه في الأمِّ، واحتجّوا له بأن فيها القنوت، وقد قال اللَّه تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] وبأنها لا تقصر في السفر، وبأنها بين صلاتي جهر، وصلاتي سرّ.
وأجيب بأن ما استدلّوا به لا يصلح لمعارضة ما ثبت من الأحاديث الصحيحة الصريحة بأنها العصر؛ ولذا قال النووي في "شرح المهذَّب": الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة أنها العصر وهو المختار، وقال صاحب "الحاوي": نصَّ الشافعيّ: أنها الصبح، وصحّت الأحاديث أنها العصر، ومذهبه اتّباع الحديث، فصار مذهبه أنها العصر، ولا يكون في المسألة قولان، كما وَهِمَ بعض أصحابنا. انتهى.
[القول الثاني]: أنها الظهر، وبه قال زيد بن ثابت، أخرجه أبو داود من حديثه، قال:"كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة، ولم تكن صلاة أشدّ على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منها، فنزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآية".
وجاء عن أبي سعيد وعائشة القول بأنها الظهر، أخرجه ابن المنذر، وغيره، ورَوَى مالًا في "الموطأ" عن زيد بن ثابت الجزم بأنها الظهر، وبه قال أبو حنيفة في رواية، ورَوَى الطيالسيّ من طريق زُهْرَةَ بن مَعْبَد، قال:"كنا عند زيد بن ثابت، فأرسلوا إلى أسامة، فسألوه عن الصلاة الوسطى؟ فقال: هي الظهر".
ورواه أحمد من وجه آخر، وزاد:"كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي الظهر بالهجير، فلا يكون وراءه إلا الصف أو الصفان، والناس في قائلتهم، وفي تجارتهم، فنزلت".