للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إذ القول لا يبلغ مبلغ الفعل؛ إذ القول يسمعه البعض، والفعل يعلمه كلُّ من صلّى معه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال الباجيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس هذا من تأخير البيان الذي تكلّم شيوخنا في جواز تأخيره عن وقت الخطاب بالعبادة إلى وقت الحاجة، وهو مذهب الباقلّانيّ والجمهور، ومنعه الأبهريّ وغيره؛ لأن الخطاب هنا بالصلاة، وبيان أحكامها، وقد تقدّم قبل هذا للسائل، فلم يسأل إلَّا عما ثبت بيانه، وعُرف حكمه، ولا خلاف أن للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يؤخّر جواب السائل له عن وقت سؤاله، وأن لا يُجيبه أصلًا، وقد فَعَل ذلك في مسائل كثيرة، ولا خلاف أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل.

وتكلَّم الشيوخ في وجه تأخيره -صلى اللَّه عليه وسلم- مع جواز موته قبل التعليم، فقيل: يَحْتَمِل أنه أوحي إليه بأن ذلك لا يكون، وقيل؛ هدا لا يلزم؛ لأن العادةَ غالبًا في مثل هذا، وظاهرَ الأمر حياته هذين اليومين، واستصحاب حال السلامة.

وقد يقال: إن هذا سؤال لا يلزم في حقّ السائل؛ لأنه إن اختُرِم قبل علمه ما سأل عنه من دينه فلم يضرّه جهله به؛ إذ لَمْ تأت عليه عبادة يَحتاج إليها فيه؛ لموته قبلها. انتهى (١).

٧ - (ومنها): جواز تأخير الصلاة عن أول وقتها، وترك فضيلة أول الوقت؛ لمصلحة راجحة، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٣٩٤] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي (٣) إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَن رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ (٤): "اشْهَدْ مَعَنَا


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ٥٧٥ - ٥٧٦.
(٢) "شرح النوويّ" ٥/ ١١٤.
(٣) وفي نسخة: "حدّثني".
(٤) وفي نسخة: "فقال له".