للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

العلم. انتهى (١)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ) فيه بيان أن الوقت ممتدّ متّسِعٌ، وأن آخره أول وقت العصر، وهو انتهاء آخر ظلّ المثل، وهذا مثل ما جاء في حديث إمامة جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامْ- بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلّى به العصر في اليوم الأول حين كان ظلّ كلّ شيء مثله، وكلاهما حجة على أبي حنيفة في قوله: إن أول وقت العصر إذا كان ظلّ كلّ شيء مثليه، وهو قولٌ شاذّ، خالف فيه هذه النصوص، وجميعَ الناس، خلا أنه حُكي عن الشافعيّ، وقد تبرّأ من هذا القول أصحاب أبي حنيفة والشافعيّ؛ لظهور فساده (٢).

(وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ) أي ما لم يدخلها صفرة.

وقوله: (إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أكثر رواة هذا الحديث لم يذكروا فيها "الأوسط"، وإنما يقولون: "إلى نصف الليل"، فقط، وتلك الزيادة هي من حديث همّام عن قتادة، وكلُّ من روى هذا الحديث عن قتادة لم يذكرها غيره، وكأنّ هذه الرواية وهمٌ؛ لأن الأوسط في المقدّرات والمعدودات إنما يقال فيما يتوسّط بين اثنين فأكثر، اللَّهمّ إلَّا أن يريد بالأوسط الأعدل، فحينئذ يصحّ أن يقال: هو أوسط الشيئين، أي أعدلهما، وهذا الشيء أوسط من هذا، أي أعدل منه.

ويُمكن أن تُحمَل رواية تلك الزيادة على الصحّة، ويكون معناه أن النصف الأول أعدل بالنسبة إلى إيقاع الصلاة فيه من النصف الآخر؛ لتأدية الصلاة في الأول، وكثرة الثواب فيه. انتهى (٣).

وقوله: (وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الفجر هو انصداع البياض من المشرق، وسُمّي بذلك؛ لانفجاره، أي لظهوره وخروجه كما ينفجر النهر، وهو اثنان: كاذبٌ، وهو المسمّى بذنب السِّرْحان، وهو الصاعد المستطيل، وصادقٌ، وهو الممتدّ المنتشر في الأفق. انتهى (٤).

وقوله: (فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ) هذا حجة لأبي حنيفة


(١) "الأوسط" ٢/ ٣٢٨.
(٢) "المفهم" ٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٣) "المفهم" ٢/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٤) "المفهم" ٢/ ٢٣٩.