للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ووقع عند أبي داود: "فَوْرُ الشفق" بالفاء المفتوحة، أي بقية حمرة الشمس، في الأفق الغربي، وسُمِّي فَوْرًا، لسُطُوعه وحمرته، قال العراقي: صحَّفه بعضهم بالنون، ولو صحت الرواية لكان له وجه. انتهى (١).

وفيه ردٌّ على من يقول: إن للمغرب وقتًا واحدًا، وهو عقيب غروب الشمس بقدر ما يتطهر، ويستر عورته، ويؤذن، وقد سبق تحقيق الكلام فيه فلا تغفل.

وقوله: (وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) وإعرابه كسابقه، يعني أن وقت صلاة العشاء يدخل بغروب الشفق، ثم يمتدّ إلى نصف الليل، وفيه دليل على أن آخر وقت العشاء نصف الليل، وقد ثبت في الحديث الآخر تحديده بثلث الليل، لكن أحاديث النصف صحيحة، فيجب العمل بها.

واحتجّ به أبو سعيد الإصطخريّ على أن وقت العشاء إلى نصف الليل فقط، وعند غيره محمول على بيان وقت الاختيار، وأما وقت الجواز، فيمتدّ إلى طلوع الفجر، لما رَوَى أبو قتادة مرفوعًا: "إنما التغريط على من لم يصلِّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: عموم حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- مخصوص بالإجماع في الصبح، فللإصطخريّ أن يقول: إنه مخصوص بالحديث المذكور، وغيره من الأحاديث في العشاء، قال: ولم أر في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثًا صريحًا يثبت. انتهى (٢).

قال الجامع: لا يخفاك قوّة ما ذهب إليه الإصطخريّ، وقد سبق ترجيحه في المسألة الثامنة من شرح الحديث الماضي، فلا تغفل.

وقوله: (وَوَقْتُ الْفَجْرِ (٣) مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ") يعني أن وقت صلاة الفجر يدخل بطلوع الفجر، ويستمرّ مدة عدم طلوع الشمس، وهذا بالإجماع، إلَّا ما رُوِي عن ابن القاسم، وبعض أصحاب الشافعيّ من أن آخر وقت الفجر الإسفار، كما قاله ابن رشد -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٤).


(١) "المنهل العذب المورود" ٣/ ٣٠٣.
(٢) "الفتح" ٢/ ٦٢.
(٣) وفي نسخة: "ووقتُ صلاة الفجر".
(٤) "البداية والنهاية" ١/ ٩٧.