للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومن حجة القائل بهذا القول: حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إنما التفريط على من لم يصلِّ صلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى".

ثمَّ رجح ابن المنذر قول من قال: إنه إلى طلوع الفجر. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- بالاختصار (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الحقّ الذي يؤيّده الدليل قول من قال: إن آخر وقت العشاء نصف الليل، فليس للعشاء وقت أداء بعد ذلك، وإنما هو قضاء، وأقوى دليل في ذلك وأصرحه، حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- الذي في "صحيح مسلم": "فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل".

فهذا نصّ صريح في أن النصف هو الآخر، لا يزيد عليه، ولا يوجد نصّ صريح يدلّ على تأخره بعده.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم أر في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثًا صريحًا يثبت.

قال: ودليل الجمهور حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه-: "إنما التفريط على من لم يصلِّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى"، قال: وعموم حديث أبي قتادة مخصوص بالإجماع في الصبح، وعلى قول الشافعي الجديد في المغرب، فللإصطخري -يعني: القائل: إذا ذهب نصف الليل صارت قضاء- أن يقول: إنه مخصوص بالحديث المذكور، وغيره من الأحاديث في العشاء، واللَّه أعلم. انتهى (٢).

أقول: هذا التقرير من الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو عين الإنصاف؛ إعطاءً لكل ذي حقٍّ حقّه، وليس فيه تهوّر ولا اعتساف مجاراةً للمذهب، وفقنا اللَّه تعالى لقبول الحق، فإنه أكرم مسؤول.

وقال العلّامة المحدث الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "تمام المنة": ولا دليل فيه -يعني حديث أبي قتادة- على ما ذهبوا إليه؛ إذ ليس فيه بيان أوقات الصلاة، ولا سيق من أجل ذلك، وإنما لبيان إثم من يؤخر الصلاة حتى يُخرجها عامدًا عن


(١) "الأوسط" ٢/ ٣٤٣ - ٣٤٦.
(٢) "الفتح" ٢/ ٦٢.