لكونه لم يرض به مرسلًا، كذا قال. قال الحافظ: وظاهر السياق يشهد لما قال ابن بطّال.
١٥ - (ومنها): أن ابن بطال قال: في هذا الحديث دليل على ضعف الحديث الوارد في أن جبريل أم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في يومين لوقتين مختلفين لكل صلاة، قال: لأنه لو كان صحيحًا لم ينكر عروة على عمر صلاته في آخر الوقت محتجًّا بصلاة جبريل، مع أن جبريل قد صلّى في اليوم الثاني في آخر الوقت، وقال:"الوقت ما بين هذين".
وأجيب باحتمال أن تكون صلاة عمر كانت خرجت عن وقت الاختيار، وهو مصير ظل الشيء مثليه، لا عن وقت الجواز، وهو مغيب الشمس، فيتجه إنكار عروة، ولا يلزم منه ضعف الحديث، أو يكون عروة أنكر مخالفة ما واظب عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الصلاة في أول الوقت، ورأى أن الصلاة بعد ذلك إنما هي لبيان الجواز، فلا يلزم منه ضعف الحديث أيضًا.
وقد رَوَى سعيد بن منصور من طريق طلق بن حبيب مرسلًا، قال:"إن الرجل ليصلي الصلاة، وما فاتته، ولما فاتته من وقتها خير له من أهله وماله"، ورواه أيضًا عن ابن عمر من قوله.
ويؤيِّد ذلك احتجاج عروة بحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- حيث قال: ولقد حدثتني عائشة "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي العصر، والشمس في حجرتها قبل أن تظهر"، وهي الصلاة التي وقع الإنكار بسببها، وبذلك تظهر مناسبة ذكره لحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- بعد حديث أبي مسعود -رضي اللَّه عنه-؛ لأن حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- يشعر بمواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- على صلاة العصر في أول الوقت، وحديث أبي مسعود -رضي اللَّه عنه- يشعر بأن أصل بيان الأوقات كان بتعليم جبريل -عليه السلام-، قاله في "الفتح"(١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: