وحُكي وجوبه عن عطاء، والثوريّ، وبعض الظاهريّة، وهو قول ابن بطّة من الحنبليّة.
والجمهور على أنه يُسرّه في الصلاة الجهريّة، وهو قول ابن عمر، وابن مسعود، والأكثرين.
ورُوي عن أبي هريرة الجهر به، وللشافعيّ قولان، وعن ابن أبي ليلى الإسرار والجهر سواء.
واختلفوا هل يختصّ التعوّذ بالركعة الأولى، أم يُستحبّ في كلّ ركعة؟ على قولين:
أحدهما: يُستحبّ في كلّ ركعة، وهو قول ابن سيرين، والحسن، والشافعيّ، وأحمد في رواية.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي هذا المذهب أرجح؛ لظاهر النصّ:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} الآية؛ لأن كلّ ركعة لها قراءةٌ مستقلّةٌ، واللَّه تعالى أعلم.
والثاني: أنه يختصّ بالركعة الأولى، وهو قول عطاء، والحسن، والنخعيّ، والثوريّ، وأبي حنيفة، وأحمد في رواية عنه، وقال هشام بن حسّان: كان الحسن يتعوّذ في كلّ ركعة، وكان ابن سيرين يتعوّذ في كلّ ركعتين.
وذهب مالك وأصحابه إلى أنه لا يتعوّذ في الصلاة المكتوبة، بل يفتتح بعد التكبير بقراءة الفاتحة من غير استعاذة، ولا بسملة، واستدلّوا بظاهر حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يفتتح الصلاة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، متّفقٌ عليه.
ويُجاب عنه بأنه إنما أراد أنه يفتتح قراءة الصلاة بالتكبير والقراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وافتتاح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} إما أن يراد به افتتاحها بقراءة الفاتحة كما يقوله الشافعيّ، أو افتتاح قراءة الصلاة الجهريّة بكلمة {الْحَمْدُ} من غير بسملة كما يقوله الآخرون، ودلّ عليه حديث أنس -رضي اللَّه عنه- الذي أخرجه مسلم صريحًا.
وعلى التقديرين فلا ينفي ذلك أن يكون يقول قبل القراءة ذكرًا، أو دعاءً،