للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

به استعمل هذا الحديث على وجهه. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ببعض تصرف (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: خلاصة المسألة أن دعوات الاستفتاح التي ثبتت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما في حديث الباب، وغيره، يُسْتَحَبّ استعمالها في الفرائض والنوافل، فإن تيسر للمصلي الجمع بينها فحسن، وإن اقتصر على بعضها فحسن، وأصحها ما في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- المذكور في هذا الباب، وهو متّفقٌ عليه، ويليه حديث عليّ -رضي اللَّه عنه-: "وجهت وجهي" الآتي للمصنّف في أبواب قيام الليل، ويليه "سبحانك اللَّهم" عند أصحاب السنن، وأما قول مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعدم مشروعية ذلك فقد عرفت الردّ عليه فيما سبق آنفًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

ثمّ رأيت للحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- بحثًا استوفى فيه اختلاف المذاهب، وحججهم، أحببت إيراده هنا؛ تتميمًا للفائدة، وإن كان خلاصته تقدّم فيما مضى، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- يعني المذكور في الباب- استَدَلّ به من يقول: إنه يستحبّ الاستفتاح بالذكر قبل الشروع في القراءة، وهو قول أكثر العلماء، ثم اختلفوا، فقال كثيرٌ منهم: يُستَحَبّ استفتاح الصلاة بقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك"، صحّ هذا عن عمر بن الخطّاب، رُوي عنه من وجوه كثيرة، وعن ابن مسعود، ورُوي عن أبي بكر الصدّيق، وعثمان بن عفّان، وعن الحسن، وقتادة، والنخعيّ، وهو قول الأوزاعيّ، والثوريّ، وأبي حنيفة، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق في رواية. وقد رُوي في ذلك أحاديث مرفوعةٌ من وجوه متعدّدة أجودها من حديث أبي سعيد، وعائشة -رضي اللَّه عنهما-.

وقال الإمام أحمد: نذهب فيه إلى حديث عمر، رُوي فيه وجوهٌ ليست بذاك، فذكر حديث عائشة، وأبي هريرة، فصرّح بأن الأحاديث المرفوعة ليست قويّة، وأن الاعتماد على الموقوف على الصحابة؛ لصحّة ما رُوي عن عمر -رضي اللَّه عنه-.


(١) "نيل الأوطار" ٣/ ٣٦.