للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبي أيوب: "ذكرُ ما خَصَّ اللَّه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- به من ترك أكل الثوم ونحوه مطبوخًا".

وقد جَمَع القرطبيّ في "المفهم" بين الروايتين بأن الذي في القِدْر لم يَنضِج حتى تَضْمَحِلّ رائحته، فبقي في حكم النيء. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي رجّحه الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من كون رواية "بقِدر" أصحّ هو الظاهر؛ لما ذكره، ولأن فيه السلامة من دعوى التصحيف على الرواة الثقات، ولأن معناه صحيح على التأويل الذي قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(فِيهِ) أي في ذلك القدر (خُضَرَاتٌ) قال في "الفتح": ضُبِط في رواية أبي ذرّ بضم الخاء، وفتح الضاد المعجمتين، وهو جمع خُضْرَة، ولغيره بفتح أوله، وكسر ثانيه، ويجوز مع ضم أوله ضمُّ الضاد، وتسكينها أيضًا. انتهى.

وقال في "العمدة": قال ابن التين: رَوَيناه بفتح الخاء، وكسر الضاد، وقال ابن قرقول: ضبطه الأصيليّ بضمّ الخاء، وفتح الضاد، والمعروف الأول. انتهى (٢).

(مِنْ بُقُولٍ): "من" بيانيّة، ويجوز كونها للتبعيض، قاله في "العمدة" (فَوَجَدَ) النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (لَهَا) أي لتلك الخضرات (رِيحًا) المراد الريح الكريه (فَسَأَلَ) أي عما فيها (فَأُخْبِرَ) بالبناء للمفعول (بِمَا فِيهَا) أي بما في تلك القدر، وقد تقدّم أنه يؤنّث، وقد يُذكّر (مِنَ الْبُقُولِ) بالضمّ جمع بَقَل، كفلس وفُلُوس، وقد تقدّم أنه كلّ نبت اخضرّت به الأرض (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("قَرِّبُوهَا") أمرٌ من التقريب، والضمير المنصوب يجوز أن يرجع إلى الخضرات، ويجوز أن يرجع إلى القدر، ويجوز أن يرجع إلى البقول، أفاده في "العمدة" (٣). (إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه النقل بالمعنى؛ إذ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقله بهذا اللفظ، بل قال: قَرِّبوها إلى فلان مثلًا، أو فيه حذفٌ، أي قال: قَرِّبوها مشيرًا، أو أشار إلى بعض أصحابه. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والمراد بالبعض أبو أيوب الأنصاريّ، ففي "صحيح


(١) "الفتح" ٢/ ٣٩٨ - ٣٩٩.
(٢) "عمدة القاري" ٦/ ٢١٢.
(٣) "عمدة القاري" ٦/ ٢١٢.