للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٤ - (ومنها): أن فيه بيانَ معنى القنوت، وهو السكوت، وهذا أرجح الأقوال كما قدّمناه.

٥ - (ومنها): ما قاله ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أن هذا اللفظ أحد ما يُسْتَدلّ به على الناسخ والمنسوخ، وهو ذكر الراوي لتقدم أحد الحكمين على الآخر، وهذا لا شكّ فيه، وليس كقوله: هذا منسوخ من غير بيان التاريخ، فإن ذلك قد ذُكر فيه أنه لا يكون دليلًا؛ لاحتمال أن يكون الحكم بالنسخ عن طريق اجتهاديّ. انتهى (١).

وقيل: ليس في هذه القصة نسخ؛ لأن إباحة الكلام في الصلاة كان بالبراءة الأصلية، والحكم المزيل لها ليس نسخًا.

وأجيب: بان الذي يقع في الصلاة ونحوها مما يُمنَع أو يباح إذا قَرَّره الشارع كان حكمًا شرعيًّا، فإذا ورد ما يُخالفه كان ناسخًا، وهو كذلك هنا، قاله في "الفتح" (٢).

٦ - (ومنها): لفظة الراوي تُشعر بأن المراد بالقنوت في الآية السكوت؛ لما دلّت عليه لفظة "حتى" التي للغاية، والفاء التي تُشعِر بتعليل ما سبق عليها لما يأتي بعدها، وقد قيل: إن القنوت في الآية الطاعة، وفي كلام بعضهم ما يُشعر بحمله على الدعاء المعروف، حتى جَعل ذلك دليلًا على أن الصلاة الوسطى هي الصبح، من حيث قرانها بالقنوت، والأرجح في هذا كلِّه حمله على ما أشعر به كلام الراوي، فإن المشاهدين للوحي والتنزيل يعلمون بسبب النزول والقرائن المحتفَّة به ما يُرشدهم إلى تعيين المحتمِلات، وبيان المجملات، فهم في ذلك كله كالناقلين للفظٍ يدل على التعيين والتسبب، وقد قالوا: إن قول الصحابيّ في الآية: نزلت في كذا يتنزل منزلة المسنَد، قاله ابن دقيق العيد أيضًا.

٧ - (ومنها): ما قاله ابن دقيق العيد أيضًا: قوله: "فنُهينا عن الكلام، وأمرنا بالسكوت" يقتضي أن كلَّ ما يسمى كلامًا فهو مَنْهِيّ عنه، وما لا يسمى كلامًا فدلالة الحديث قاصرة عن النهي عنه، وقد اختَلَف الفقهاء في أشياء، هل


(١) "إحكام الأحكام" ٢/ ٤٧٧ - ٤٧٨.
(٢) "الفتح" ٣/ ٩٠.