قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويظهر أثر الخلاف الذي نقله عياض فيما لو مَرّ بين يدي الإمام أحدٌ فعلى قول من يقول: إن سترة الإمام سترةُ مَن خلفه يَضُرّ صلاته وصلاتهم معًا، وعلى قول من يقول: إن الإمام نفسه سترة من خلفه يضر صلاته، ولا يضر صلاتهم (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول بأن سترة الإمام سترة لمن خلفه هو الأرجح؛ لظاهر حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا، واللَّه تعالى أعلم.
قال القاضي أيضًا: ولا خلاف أن السترة مشروعة إذا كان في موضع لا يَأْمَن المرور بين يديه، واختلفوا إذا كان في موضع يأمن المرور بين يديه، وهما قولان في مذهب مالك، قال النووي: ومذهبنا أنها مشروعة مطلقًا؛ لعموم الأحاديث، ولأنها تصون بصره، وتمنع الشيطان المرور، والتعرض لإفساد صلاته، كما جاءت الأحاديث. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ أن السترة مشروعة، بل واجبة مطلقًا؛ لأمره -صلى اللَّه عليه وسلم- بها، وأمره للوجوب، وقد أسلفت تحقيقه، فلا تكن من الغافلين، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.
٢ - (ومنها): بيان أن صلاة الصبيّ صحيحة.
٣ - (ومنها): ما قيل: إن فيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة؛ لأن المرور مَفْسَدة خفيفة، والدخول في الصلاة مصلحة راجحة، واستدَلَّ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- على جواز المرور بعدم الإنكار؛ لانتفاء الموانع إذ ذاك، ولا يقال: منع من الإنكار اشتغالهم بالصلاة؛ لأنه نَفَى الإنكار مطلقًا، فتناول ما بعد الصلاة، وأيضًا فكان الإنكار يمكن بالإشارة.
٤ - (ومنها): أن الإمام البخاريّ احتجّ به على صحّة تحمّل الصبيّ الحديث، فترجم له، فقال:"باب متى يصحّ سماع الصغير"، ثم أورده، قال في "الفتح": وفيه ما ترجم له، أن التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء، قال: ويُلْحَق بالصبيّ في ذلك العبد، والفاسق، والكافر، وقامت حكاية ابن عباس لفعل النبي-صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقريره مقام حكاية قوله؛ إذ لا فرق