للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد قال عمرو بن عليّ الفلاس: الصحيح عندنا أن ابن عباس كان له عند وفاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاث عشرة سنةً، قد استكملها، ونحوه لأبي عبيد، وأسند البيهقيّ عن مصعب الزبيريّ أنه كان ابن أربع عشرة، وبه جزم الشافعيّ في "الأم"، ثم حَكَى أنه قيل: ست عشرة، وحُكِي قولُ ثلاث عشرة، وهو المشهور، وأورد البيهقيّ عن أبي العالية، عن ابن عباس: "قرأت المحكم على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن ثنتي عشرة"، فهذه ستة أقوال، ولو وَرَد إحدى عشرة لكانت سبعة؛ لأنها من عشر إلى ست عشرة.

قال الحافظ: والأصل فيه قول الزبير بن بكار وغيره من أهل النسب، أن ولادة ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- كانت قبل الهجر بثلاث سنين، وبنو هاشم في الشِّعْب، وذلك قبل وفاة أبي طالب، ونحوُهُ لأبي عبيد.

ويمكن الجمع بين مختلف الروايات إلا ست عشرة، وثنتي عشرة، فإن كلًّا منهما لم يثبت سنده، والأشهر بأن يكون ناهز الاحتلام، لَمّا قارب ثلاث عشرة، ثم بلغ لما استكملها، ودخل في التي بعدها، فإطلاق خمس عشرة بالنظر إلى جبر الكسرين، وإطلاق العشر، والثلاث عشرة بالنظر إلى إلغاء الكسر، وإطلاق أربع عشرة بجبر أحدهما.

وقال في "كتاب الاستئذان" -ردًّا على الإسماعيليّ، حيث قال: "الأحاديث عن ابن عبّاس في هذا مضطربة"-: دعوى الاضطراب مردودة، مع إمكان الجمع، أو الترجيح، فإن المحفوظ الصحيح أنه وُلد بالشعب، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فيكون له عند الوفاة النبوية ثلاث عشرة سنة، وبذلك قطع أهل السير، وصححه ابن عبد البر، وأورد بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال: وُلِدت وبنو هاشم في الشِّعْب، وهذا لا ينافي قوله: "ناهزت الاحتلام"، أي قاربته، ولا قوله: "وكانوا لا يَختنون الرجل حتى يُدْرك" لاحتمال أن يكون أدرك، فخُتِن قبل الوفاة النبوية، وبعد حجة الوداع، وأما قوله: "وأنا ابن عشر"، فمحمول على إلغاء الكسر.

ورَوَى أحمد من طريق أخرى، عن ابن عباس، أنه كان حينئذ ابن خمس عشرة.

ويمكن رَدّه إلى رواية ثلاث عشرة، بأن يكون ابن ثلاث عشرة وشيء،