للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في إحداهما عطاء، وأسقطه في أخرى، وكلا الروايتين صحيحتان؛ إذ يمكن حمله على أن ابن جريج حدّث عن عطاء، عن ابن أبي مليكة، ثم لقي ابن أبي مليكة، فحدّثه، ومما يؤيّد ذلك أنه صرّح في رواية عبد الرزّاق المذكورة عند النسائيّ، ومحمد بن بكر عند أحمد بأن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مُليكة، كما مرّ آنفًا، ومثل هذا كثير في روايات الثقات، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ فِي الرُّكُوعِ؟) أي من الأذكار والدعاء (قَالَ) عطاء (أَمَّا "سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ") أي هذا الكلام (فَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها- أنها (قَالَت: افْتَقَدْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) هو افتعال من الفقد، وفي رواية أبي هريرة التالية: "فقدت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" ثلاثيًّا، قال النوويّ: هما لغتان بمعنى. انتهى. وهكذا تفيد عبارة الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، حيث قال: فَقَدته فَقْدًا، من باب ضرب، وفُقْدَانًا (١): عَدِمته، فهو مفقودٌ، وفقِيدٌ، وافتقدته مثله، وتفقّدته: طلبته عند غيبته. انتهى (٢).

ولكن عبارة "القاموس" تدلّ على اختلاف معنى فَقَدَ، وافتقد، حيث قال: فَقَده يَفْقِده فَقْدًا -أي من باب ضَرَب- وفِقْدَانًا -بالضمّ والكسر- وفُقُودًا: عَدِمَهُ، فهو فَقِيدٌ ومفقودٌ، قال: وافتقده، وتفقده: طلبه عند غيبته. انتهى بإيضاح (٣).

فعلى هذا يكون معنى قولها هنا: افتقدته: أي طلبته، وعلى رواية أبي هريرة فمعناه: عَدِمته من محلّه في البيت.

(ذَاتَ لَيْلَةٍ) أي ليلة من الليالي، قيل: "ذات" مقحمة، وقيل: هو من إضافة المسمّى إلى الاسم (فَظَنَنْتُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ) أي زوجاته، وهذا يدلّ للقول الراجح، أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يجب عليه القسم بين زوجاته؛ إذ لو كان واجبًا عليه لما ظنّت عائشة -رضي اللَّه عنها- ذلك منه؛ إذ لا يترك الواجب عليه.


(١) بضم الفاء وكسرها.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٤٧٨.
(٣) راجع: "القاموس المحيط" ١/ ٣٢٣.