للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله تعالى: ({ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}) أي الكريم العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

واختلفوا في جواب القسم ما هو؟ فحَكَى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (٤)} [ق: ٤]، قال ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي هذا نظر، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم، وهو إثبات النبوّة، وإثبات المعاد، وتقريره وتحقيقه، وإن لم يكن القسم يُتَلَقَّى لفظًا، وهذا كثير في أقسام القرآن، كما تقدم في قوله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢)} [ص: ١ - ٢]، وهكذا قال ها هنا: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢)} [ق: ١ - ٢] أي تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر، كقوله -جَلَّ جَلَالُهُ-: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} [يونس: ٢]؛ أي وليس هذا بعجيب. انتهى (١).

(حَتَّى قَرَأَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ({وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ}) بنصب {وَالنَّخْلَ} وعطفًا على {جَنَّاتٍ}؛ أي وأنبتنا النخل، و {بَاسِقَاتٍ} وأي طِوالًا شاهقات، وهو منصوب على الحال.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "تفسيره": والباسقات: الطِّوال، قاله مجاهد وعكرمة، وقال قتادة وعبد اللَّه بن شداد: بُسوقها: استقامتها في الطول، وقال سعيد بن جبير: مستويات، وقال الحسن وعكرمة أيضًا والفراء: مَوَاقير حَوَامل، يقال للشاة: بَسَقَت: إذا وَلَدت، والأول في اللغة أكثر وأشهر، يقال: بَسَقَ النخل بسوقًا: إذا طال، قال [من الوافر]:

لَنَا خَمْرٌ وَلَيْسَتْ خَمْرَ كَرْمٍ … وَلَكِنْ مِنْ نِتَاجٍ الْبَاسِقَاتِ

كِرَامٌ فِي السَّمَاءِ ذَهَبْنَ طُولًا … وَفَاتَ ثِمَارُهَا أَيْدِي الْجُنَاةِ

ويقال: بَسَق فلان على أصحابه؛ أي علاهم، وأبسقمت الناقة: إذا وَقَع في ضرعها اللبن قبل النتاج، فهي مُبْسِقٌ، ونُوقٌ مَبَاسيقُ.

ثم نقل عن الثعلبيّ أنه قال: قال قطبة بن مالك: سمعت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ "باصقات" بالصاد.


(١) "تفسير ابن كثير" ٤/ ٢٢٢ - ٢٢٣.