للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أخرجه البخاريّ، فيما قد يُجَوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليمس من هذا القبيل، واللَّه أعلم.

وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين، وكذا طائفة كثيرة من الخلف، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، وللَّه الحمد والمنّة، حتى إن الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، أورد ها هنا أثرًا غريبًا لا يصح سنده، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، فقال: حدثنا أبي، قال: حُدِّثت عن محمد بن إسماعيل المخزوميّ، حدّثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: خَلَق اللَّه تبارك وتعالى من وراء هذه الأرض بحرًا محيطًا بها، ثم خَلَق من وراء ذلك البحر جبلًا، يقال له: قاف، سماء الدنيا مَرْفُوفة عليه، ثم خلق اللَّه تعالى من وراء ذلك الجبل أرضًا مثل تلك الأرض سبع مرّات، ثم خلق من وراء ذلك بحرًا محيطًا بها، ثم خلق من وراء ذلك جبلًا يقال له: قاف، السماء الثانية مرفوفة عليه، حتى عَدّ سبع أرضين، وسبعة أبحر، وشبعة أجبل، وسبع سماوات، قال: وذلك قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان: ٢٧]، فإسناد هذا الأثر فيه انقطاع، والذي رواه عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {ق} هو اسم من أسماء اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، والذي ثبت عن مجاهد أنه حرف من حروف الهجاء، كقوله تعالى: {ص}، و {ن}، و {حم}، و {طس}، و {الم}، ونحو ذلك، فهذه تُبْعِد ما تقدّم عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

وقيل: المراد قُضِيَ الأمرُ واللَّهِ، وأن قوله: {ق} دلّت على المحذوف من بقية الكلمة، كقول الشاعر:

قُلْتُ لَهَا قِفِي فَقَالَتْ قَافْ (١)

قال ابن كثير: وفي هذا التفسير نظرٌ؛ لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دَلّ دليل عليه، ومن أين يُفْهَم هذا من ذكر هذا الحرف؟. انتهى كلام ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو تحقيق نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.


(١) شطر بيت، عجزه: "لَا تَحْسَبِي أَنَّا نَسِينَا الإِيجَافْ".
(٢) "تفسير ابن كثير" ٤/ ٢٢٢ - ٢٢٣.