للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٢ - (ومنها): أن في هَمِّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذبح بعض حمائلهم بيانَ مراعاة المصالح، وتقديم الأهمّ فالأهمّ، وارتكاب أخفّ الضررين، لدفع أشدّهما.

٣ - (ومنها): أن في قول عمر - رضي الله عنه -: لو جمعتَ ما بقي من أزواد القوم إلخ"، بيانَ جواز عَرْض المفضول على الفاضل ما يراه مصلحةً؛ لينظر الفاضل فيه، فإن ظَهَرت له مصلحةٌ فعله.

٤ - (ومنها): جوازُ خَلْط المسافرين أزوادهم، وأكلهم منها مجتمعين، وإن كان بعضهم يأكل أكثر من بعض، وقد نصّ العلماء على أن ذلك سنة، وهو نظير مدح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للأشعريين - رضي الله عنهم - في جمعهم الأزواد إذا قلّت، وتقاسمهم إياها بالسويّة، فقد أخرج الشيخان في "صحيحيهما" من حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قَل طعام عيالهم بالمدينة، جَمَعُوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم منيّ، وأنا منهم" (١).

٥ - (ومنها): أنّ فيه عَلَمًا من أعلام النبوة الظاهرة، وما أكثر نظائره التي يزيد مجموعها على شرط التواتر، ويحصل العلم القطعي بها، وقد جمعها العلماء، وصَنَّفُوا فيها كُتُبًا مشهورة.

قال القاضي عياضٌ رحمه الله تعالى: وهو بابٌ عُلِم على القطع والتواتر؛ لترادف الأحاديث بمعناه من تكثير الطعام القليل، وقد جمعنا مشهور أحاديث هذا الباب، ومن رواه من الصحابة، ومن حَمَلَهُ عنهم من التابعين في "باب معجزات نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - من كتابنا المسمَّى بـ "الشفا بتعريف حقوق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -".

ولأن هذا الحديث ومثله إذا رواه الصحابيّ الواحد، وذكره عن المواطن المشهورة، والغزوات المحضورة، والجموع الْحَفِلَة، وحدَّث به عنهم بما شاهدوه، وجرى بحضرته، وهم غير منكرين، ولا مكذّبين، مع أنهم الملأ لا يقرّون على منكر، ولا يُداهنون في غير الحقّ، كان إقرارهم على خبره، وسكوتهم على ما حدّث به عن ملئهم كالنطق، ولَحِقَ خبره، وإن كان واحدًا بخبر التواتر الصدق. انتهى (٢).


(١) راجع: "المفهم" ١/ ١٩٨.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٢٣١ - ٢٣٢.