للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال النوويّ رحمه الله تعالى - بعد ذكر كلام ابن الصلاح -: وهذان الاستدراكان لا يستقيم واحد منهما، أمّا الأول، فلأنا قدّمنا في الفصول السابقة أن الحديث الذي رواه بعض الثقات موصولًا، وبعضهم مرسلًا، فالصحيح الذي قاله الفقهاء، وأصحاب الأصول، والمحققون من المحدثين، أن الحكم لرواية الوصل، سواء كان راويها أقلّ عددًا من رواية الإرسال، أو مساويًا؛ لأنَّها زيادة ثقة، فهذا موجودٌ هنا، وهو كما قال الحافظ أبو مسعود الدمشقيّ جَوَّد، وحَفِظَ ما قَصَّر فيه غيره.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النوويّ من أن الحكم للوصل مطلقًا، ليس مذهب المحقّقين من أهل الحديث، فإنهم إنما يحكمون على ما يظهر لهم من القرائن، فربّما حكموا للوصل، وربّما حكموا للإرسال، فليست المسألة تدخل تحت ضابط كليّ، بل لهم في كلّ سند دراسة خاصّة، كما أسلفنا تحقيق ذلك فيما سبق من "شرح المقدّمة"، فراجعه تستفد (١)، والله تعالى وليّ التوفيق.

وأما الثاني فلأنهم قالوا: إذا قال الراوي: حَدَّثَني فلان أو فلان، وهما ثقتان احتُجَّ به بلا خلاف، لأن المقصود الرواية عن ثقة مُسَمَّي، وقد حَصلَ، وهذه قاعدة ذكرها الخطيب البغداديّ في "الكفاية"، وذكرها غيره، وهذا في غير الصحابة، ففي الصحابة أولى؛ فإنهم كُلَّهم عُدُولٌ، فلا غَرَضَ في تعيين الرواي منهم. انتهى (٢).

وإلى القاعدة أشار السيوطيّ في "ألفيّة الحديث" بقوله:

وَمَنْ يَقُلْ "أَخْبَرَنِي فُلَانٌ اوْ … هَذَا "لِعَدْلَيْنِ قَبُولَهُ رَأَوْا

فَإِنْ يَقُلْ "أَوْ غَيْرُهُ" أَوْ يُجْهَلِ … بَعْضُ الَّذِي سَمَّاهُمَا لَا تَقْبَلِ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

١ - (منها): أن من مات على التوحيد دخل الجنّة قطعًا، وهذا هو الذي أراده المصنّف رحمه الله تعالى بإيراده في هذا المحلّ.


(١) راجع: "شرح المقدّمة" ١/ ٣٦٢ - ٣٦٦.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ٢٢٢.