للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هو في أصولنا وغيرها، الأول "النواة" بهاء التأنيث، والثاني بحذفها، فذكر القاضي عياض رحمه الله تعالى أن صوابه حذف تاء التأنيث في الموضعين، كما قال: "ذو التمر بتمره"، قال ابن الصلاح: وجدته في كتاب أبي نعيم "المخرج على صحيح مسلم": "ذو النوى بنواه"، بلا هاء في الكلمتين، قال: والواقع في "كتاب مسلم" له عندي وجه صحيح، وهو أن تُجعل "النواة" عبارة عن جملة من النوي، أُفْرِدت عن غيرها، فتُسمّى الجملة المفردة الواحدة باسم النواة الواحدة، كما أُطلق اسم الكلمة على القصيدة، أو تكون النواة من قبيل ما يُسْتَعمَل في الواحد والجمع بلفظ واحد من الأسماء التي فيها علامة التأنيث، نحو: الْحَنْوة، وهي نبتٌ طيّب الريح على مثال الْعَنْوَة. انتهى (١).

(قُلْتُ) الظاهر أن القائل هو طلحة، كسابقه (وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟) أي: أيَّ شيء يستفيدون بإحضارهم النوى (قَالَ: كَانُوا يَمَصُّونَهُ) - بفتح الميم - هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة، ويقال: مَصِصْتُ الرُّمَّانة والتمر، وشبههما - بكسر الصاد - أَمَصُّهَا - بفتح الميم - وحَكَى الأزهريّ عن بعض العرب ضم الميم، وحَكَى أبو عُمَر الزاهد في "شرح الفصيح" عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ هاتين اللغتين: مَصِصْتُ - بكسر الصاد - أَمَصُّ - بفتح الميم - ومَصَصْتُ - بفتح الصاد - أَمُصُّ - بضم الميم - مَصًّا فيهما، فأنا مَاصٌّ، وهي مَمْصُوصَةٌ.

وإذا أمرتَ منهما قلتَ: مَصَّ الرُّمّانةَ، ومَصِّهَا، ومُصَّهَا، ومُصِّهَا، ومُصُّهَا، فهذه خمس لغات في الأمر: فتح الميم مع الصاد، ومع كسرها، وضمّ الميم، مع فتح الصاد، ومع كسرها، وضمها، هذا كلام ثعلب، والفصيح المعروف في مُصّها ونحوه، مما يَتَّصِل به "ها" التأنيثِ لمؤنثٍ أنه يتعين فتح ما يلي الهاء، ولا يكسر، ولا يضم. قاله النوويّ في "شرحه" (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كذا الذي ذكره النَّوويّ هنا في الأمر من "مصّ"، من المسائل المهمة جدًّا، فينبغي أن نحقّقه بالتفصيل، فنقول:

(اعلم): أنه إذا اتّصل بآخر الفعل المدغم من المجزوم وشبهه ضمير الغائبة وجب فتحه، كرُدَّهَا، ولم يَرُدّهَا، أو ضمير الغائب وجب ضمّه، كرُدُّهُ،


(١) "الصيانة" ص ١٧٩ - ١٨٠.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ٢٢٣ - ٢٢٤.