للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هَلَكَةٌ، فإن كان لا بُدّ ففي التطوع، لا في الفريضة وقال: حديث حسنٌ (١). انتهى.

قال: وأصحابنا -يعني الحنفيّة- يجعلون أحاديث: "إذا صلّى جالسًا، فصلّوا جلوسًا" منسوخة بحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- المتقدم أنه صلّى آخر صلاته قاعدًا، والناس خلفه قيام، وبحديث: "لا يَؤُمَّنَّ أحد بعدي جالسًا"، وسيأتي ذكره.

لكن حديث عائشة وقع فيه اضطراب لا يَقْدَح فيه، فالذي تقدّم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إمامًا. وأبو بكر مأموم، وقد ورد فيه العكس، كما أخرجه الترمذيّ والنسائيّ عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: صلّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدًا، قال الترمذيّ: حديث حسنٌ صحيحٌ.

وأخرج النسائيّ أيضًا عن حميد، عن أنس -رضي اللَّه عنه- قال: آخر صلاة صلّاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع القوم صلّى في ثوب واحد متوشحًا خلف أبي بكر. انتهى.

ومثل هذا لا يعارض ما وقع في "الصحيح"، مع أن العلماء جمعوا بينهما.

قال البيهقيّ في "المعرفة": ولا تعارض بين الخبرين، فإن الصلاة التي كان فيها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إمامًا هي صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد، والتي كان فيها مأمومًا هي صلاة الصبح يوم الاثنين، وهي آخر صلاة صلاها -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى خرج من الدنيا، قال: وهذا لا يخالف ما يثبت عن الزهريّ، عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين، وكشفه عليه السلام الستر، ثم إرخائه، فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى، ثم إنه عليه السلام وجد في نفسه خِفّةً، فخرج، فأدرك معه الركعة الثانية، يدُلُّ عليه ما ذكره موسى بن عقبة في "المغازي"، عن الزهريّ، وذكره أبو الأسود، عن عروة، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقْلَعَ عنه الوَعْكُ ليلة الاثنين، فغدا إلى صلاة الصبح متوكئًا على الفضل بن العباس وغلام له، وقد سجد الناس مع أبي بكر، حتى قام إلى جنب أبي بكر، فاستأخر أبو بكر، فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بثوبه،


(١) بل هو ضعيف؛ لأن في سنده عليّ بن زيد بن جدعان، ضعيف.