التعليم لا يؤخّر فيه البيان، لا سيّما الواجب، وهو مذهب أحمد، ومشهور مذهب مالك، ونقله النوويّ في "شرحه" عن الجمهور، وأوجبها الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وبعض أصحاب مالك، وهو المذهب الحقّ، وسيأتي تحقيق الخلاف في محلّه -إن شاء اللَّه تعالى-.
١١ - (ومنها): ما قيل: إنه يؤخذ من قوله: "فإنكم إذا فعلتم ذلك، فقد سلّمتم على كلّ عبد للَّه" أن من قال لرجل: فلانٌ يُسلّم عليك، ويريد بالسلام هذا أنه لا يكون كاذبًا، ويلزم عليه أن يحنث بذلك إذا حلف أن لا يُسلّم عليه إلا أن يكون له نيّة خاصّة بالسلام، وأيضًا فإن العرف يخالف ذلك، ويشهد بأن هذا غير مسلّم (١).
١٢ - (ومنها): مذهب الشافعيّ: أن الواجب من التحيّات خمس كلمات: "التحيّات للَّه، سلام عليك أيها النبيّ، ورحمة اللَّه، وبركاته، سلام علينا، وعلى عباد اللَّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه"، وعلّلوا الاقتصار على ذلك بأنه المتكرّر في جميع الروايات.
وفيه إشكال -كما قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ- لأن الزائد في بعض الروايات زيادة من عدل، فوجب قبولها؛ إذ توجّه الأمر بها في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليقل: التحيّات. . . إلخ"، والأمر للوجوب.
قال ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قلت: وكأن الشافعيّ اعتبر في حدّ الأقلّ ما رواه مكرّرًا في جميع الروايات، ولم يكن تابعًا لغيره، وما انفردت به الروايات أو كان تابعًا لغيره جوّز حذفه، لكنه يُشكل على هذا لفظة "الصلوات"، فإنها ثابتة في كلّ الروايات، وليست تابعةً في المعنى، وقد ادّعى الرافعيّ ثبوت "الطيّبات" في جميع الروايات واستشكلها. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي أن الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لعلّه لم يثبت لديه اتفاق في الروايات إلا الذي ذكره حَدًّا للواجب، فلم يوجب غيره، فمن أثبت الزائد يلزمه وجوبه؛ لأنه لا عذر له.
والحاصل أن كلّ ما صحّ من الألفاظ الزائدة يجب أن يقوله المصلّي؛