الأحوص، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-: "كنا لا ندري ما نقول في كلّ ركعتين، وأن محمدًا علم فواتح الخير وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في كلّ ركعتين، فقولوا: التحيّات. . ."، الحديث، وفي رواية له من طريق الأسود، عن عبد اللَّه:"فقولوا في كلّ جلسة. . ." الحديث، وفي رواية ابن خزيمة من طريق الأسود، عن عبد اللَّه:"علَّمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التشهّد في وسط الصلاة، وفي آخرها"، وقد جاء عن ابن مسعود التصريح بفرضية التشهد، وذلك فيما رواه الدارقطنيّ وغيره بإسناد صحيح، من طريق علقمة، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "كنا لا ندري ما نقول قبل أن يُفْرَض علينا التشهدُ".
والحاصل أن القول بوجوب التشهد هو الحقّ؛ لوضوح أدلّته، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.
٣ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن الجمع المضاف، والجمع المحلَّى بالألف واللام يعمّ؛ لقوله أوّلًا:"عباد اللَّه الصالحين"، ثم قال:"أصابت كلّ عبد صالح".
٤ - (ومنها): استُدلّ به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء، وفي "جامع الترمذيّ" مصحّحًا من حديث أُبيّ بن كعب -رضي اللَّه عنه-: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا ذكر أحدًا، فدعا له بدأ بنفسه"، وأصله في "صحيح مسلم"، ومنه قول نوح عليه السلام:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} الآية [نوح: ٢٨]، وقول إبراهيم عليه السلام:{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} الآية [إبراهيم: ٤١].
٥ - (ومنها): ما قاله ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في قوله: "أصابت كلّ عبد صالح" دليلٌ على أن للعموم صيغةً (١)، وأن هذه الصيغة للعموم، كما هو مذهب الفقهاء، خلافًا لمن توقّف في ذلك من الأصوليين، وهو مقطوع به من لسان العرب، وتصرّفات ألفاظ الكتاب والسنّة عندنا، ومن تتبّع ذلك وجده،
(١) قال الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "على أن للعموم صيغةً" هو هنا الجمع المضاف، والجمع المحلَّى باللام، فإن قوله: "أصابت كلّ عبد" دالٌ على أن "عباد اللَّه"، وهو الأول عامّ، وقوله: "صالح" دالّ على أن "الصالحين"، وهو الثاني عامّ. انتهى. "العدّة حاشية العمدة" ٣/ ١٣.