للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٢ - (ومنها): أنه يؤخذ منه ترك تكفير أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع، وقبول توبة الكافر من كفره من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن.

٣ - (ومنها): ما قاله الإمام ابن حبّان رحمه الله تعالى: فيه بيانٌ واضحٌ بأن الإيمان أجزاءٌ وشُعَبٌ تتباين أحوال المخاطبين فيها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ في هذا الخبر: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله"، فهذا هو الإشارة إلى الشعبة التي هي فَرْضٌ على المخاطبين في جميع الأحوال، ثم قال: "ويقيموا الصلاة"، فذكر الشيء الذي هو فرض على المخاطبين في بعض الأحوال، ثم قال: "ويؤتوا الزكاة"، فذكر الشيء الذي هو فرض على المخاطبين في بعض الأحوال، فدل ذلك على أن كل شيء من الطاعات التي تشبه الأشياء الثلاثة التي ذكرها في هذا الخبر من الإيمان. انتهى كلامه (١).

٤ - (ومنها): ما قاله النووي: في هذا الحديث أنّ من ترك الصلاة عمدًا يُقْتَلُ، ثم ذكر اختلاف المذاهب في ذلك.

وسئل الكرماني هنا عن حكم تارك الزكاة، وأجاب بأن حكمهما واحد؛ لاشتراكهما في الغاية، وكأنه أراد في المقاتلة، أما في القتل فلا، والفرق أن الممتنع من إيتاء الزكاة يمكن أن تؤخذ منه قهرًا، بخلاف الصلاة، فإن انتهى إلى نصب القتال؛ ليمنع الزكاة قوتل، وبهذه الصورة قاتل الصديق - رضي الله عنه - مانعي الزكاة، ولم يُنقَل أنه قَتَلَ أحدًا منهم صبرًا، وعلى هذا ففي الاستدلال بهذا الحديث على قتل تارك الصلاة نظرٌ، للفرق بين صيغة "أُقاتِل"، و"أَقتُل".

وقد أطنب ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" في الإنكار على من استَدَلَّ بهذا الحديث على ذلك، وقال: لا يلزم من إباحة المقاتلة إباحة القتل؛ لأن المقاتلة مفاعلة تستلزم وقوع القتال من الجانبين، ولا كذلك القتل، وحَكَى البيهقي عن الشافعي أنه قال: ليس القتال من القتل بسبيل، فقد يَحِلّ قتال الرجل ولا يحل قتله. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ١/ ٤٠١ - ٤٠٢.
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ٩٦.