للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبو عوانة، وابن حبان، والإسماعيليّ، وغيرهم، وهو غريب عن عبد الملك، تفرّد به عنه أبو غسان شيخ المصنّف، فاتفق الشيخان على الحكم بصحته مع غرابته، وليس هو في "مسند أحمد" على سعته.

وقد استَبْعَد قوم صحته بأن الحديث لو كان عند ابن عمر لَمَا تَرَكَ أباه يُنازع أبا بكر - رضي الله عنهم - في قتال مانعي الزكاة، ولو كانوا يعرفونه، لَمَا كان أبو بكر يُقِرُّ عمر على الاستدلال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"، وينتقل عن الاستدلال بهذا النّصّ إلى القياس؛ إذ قال: لأُقاتلنّ مَن فَرَّق بين الصلاة والزكاة؛ لأنها قرينتها في كتاب الله.

[والجواب]: أنه لا يلزم من كون الحديث المذكور عند ابن عمر أن يكون استحضره في تلك الحالة، ولو كان مُستَحضِرًا له، فقد يَحتَمِل أن لا يكون حَضَرَ المناظرة المذكورة، ولا يمتنع أن يكون ذَكَرَهُ لهما بَعْدُ، ولم يستدل أبو بكر في قتال مانعي الزكاة بالقياس فقط، بل أخذه أيضًا من قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه: "إلا بحق الإسلام"، قال أبو بكر: والزكاةُ حقُّ الإسلام.

ولم ينفرد ابن عمر بالحديث المذكور، بل رواه أبو هريرة أيضًا بزيادة الصلاة والزكاة فيه، كما سبق بيانه في الأحاديث السابقة.

وفي القصة دليلٌ على أن السنة قد تَخْفَى على بعض أكابر الصحابة - رضي الله عنهم -، ويَطَّلِعُ عليها آحادهم، ولهذا لا يجوز أن يُلْتَفَتَ إلى الآراء، ولو قَوِيت مع وجود سنة تخالفها، ولا يجوز أن يقال: كيف خَفِي ذا على فلان الإمام؛ إذ لا يكون أعلم، وأرفع رتبة من أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، وقد خفي عليهما ما حفظه صغار الصحابة - رضي الله عنهم -، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(المسألة الرابعة):

في فوائده:

١ - (منها): أن فيه دليلًا على قبول الأعمال الظاهرة، والحكم بما يقتضيه الظاهر، والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم، خلافًا لمن أوجب تعلم الأدلة، وقد تقدم تفنيد ذلك بما فيه الكفاية، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.