للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: قال المفسرون: معناه: إنما أنت واعظ، ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - أُمر إذ ذاك إلا بالتذكير، ثم أُمر بعدُ بالقتال، و"المسيطر": الْمُسَلَّط، وقيل: الجبار، وقيل الربّ. انتهى (١).

وقال السمين الحلبيّ رحمه الله تعالى: قوله: {بِمُصَيْطِرٍ} العامّة على الصاد، وقُنبلٌ في بعض طرقه، وهشام بالسين، وخَلَفٌ بإشمام الصاد زايًا بلا خلاف، وعن خلّاد وجهان، وقرأ هارون "بمسيطر" بفتح الطاء، اسم مفعول؛ لأن سيطر عندهم متعدّ، يدلّ على ذلك فعل مطاوعه، وهو تسيطر، ولم يجئ اسم فاعل على مُفَيعل إلا مُسيطر، ومُبيقِرٌ، ومُهيمِنٌ، ومُبيطِرٌ، من سيطر، وبيقر، وهيمن، وبيطر، وقد جاء مُجَيمرٌ اسم وادٍ، ومُديبِرٌ، قيل: ويمكن أن يكون أصلهما مُجمِر، ومُدبر، فصُغِّرا، قلت: وقد تقدّم لك أن بعضهم جوّز مهيمنًا مصغّرًا، وتقدّم أنه خطأٌ عظيم، وذلك في سورة المائدة، وغيرها. انتهى كلام السمين (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى في "تفسيره": قوله تعالى: {فَذَكِّرْ}، أي فعظهم يا محمد، وخَوِّفهم {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: ٢١] أي واعظ {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)} [الغاشية: ٢٢] أي بمسلط عليهم، فتقتلهم، ثم نسختها آية السيف، وقرأ هارون الأعور "بمسيطَر" بفتح الطاء. انتهى (٣).

وفي "اللسان": "المسيطر"، و"المصيطر": الْمُسَلَّط على الشيء؛ ليُشرِف عليه، ويتعهد أحواله، ويكتب عمله، وأصله من السَّطْر؛ لأن الكتاب مُسَطَّرٌ، والذي يفعله مُسَطِّرٌ، ومُسَيْطِرٌ، يقال: سيطرتَ علينا، وقال تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)} [الغاشية: ٢٢]، أي مسلّط، يقال: سيطر يُسيطر، وتسيطر يتسيطر، فهو مُسيْطِرٌ، ومُتسيطِرٌ، وقد تُقلب السين صادًا؛ لأجل الطاء، وقال الزجّاج: المسطرون: الأرباب المسلَّطون، يقال: قد تسيطر علينا، وتَصَيْطَرَ، بالسين والصاد، والأصل السين، وكلُّ سين بعدها طاء يجوز أن تُقلب صادًا، يقال: سَطَرَ


(١) "شرح مسلم" ١/ ٢١١.
(٢) "الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون" ١٠/ ٧٧١.
(٣) "تفسير القرطبيّ"٢٠/ ٣٧.