للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذي الروح، ويموت بموته، وأن الآخر لا حياة فيه، فيموت كموت ذي الروح، وأما الجلد المدبوغ، فيُستَثْنَى من جملة الميتة بالخبر الثابت عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ولولا ذلك كان حكمه حكم الميتة، ولو وجدنا في العظم سنةً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توجب استثناءه كما توجب استثناء الجلد المدبوغ، لأخرجناه من جملة الميت، كما أخرجنا الجلد المدبوغ.

وقد ذكر ربيعة بن كلثوم أن ضِرْسًا للحسن سقط قال: فقال لي الحسن: يا ربيعة أشعرت أنه مات بعضي اليوم؟. فأما إباحة الكوفيّ في الانتفاع بشعر الخنزير، ومنعه الانتفاع بشعور بني آدم وبيعها، فمن أعجب ما حُكِي وأقبحه؛ إذ هو خارج عن باب النظر والمعقول. انتهى كلام ابن المنذر رحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ابن المنذر رحمه الله، تحقيقٌ حسنٌ جدًّا.

وحاصله أن عظام الميتة لا يجوز الانتفاع بها، وليست مثل ما قدّمنا من الشعر والصوف والوبر؛ لأنها تحلّها الحياة، بدليل الآية السابقة، فنص تحريم الميتة يشملها، بخلاف الشعر ونحوه؛ لأنها لا تحلّها الحياة، بدليل جواز الانتفاع بها لو جُزّت من الحيوان الحيّ، فافهم الفرق بإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٨١٣] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِر، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ شًاةً مَيْتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ (٢) مِنَ الصَّدَقَة، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟ "، قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا" (٣).


(١) "الأوسط" ٢/ ٢٨١ - ٢٨٣.
(٢) وفي نسخة: "مولاة ميمونة" بالإضافة.
(٣) وفي نسخة: "فقالوا: إنها ميتة، قال: إنما حرم أكلها".