للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أنهما لم يسمعا في الحديث الصلاة والزكاة، إذ لو سمعه عمر لم يحتجّ على أبي بكر، ولو سمعه أبو بكر لردّ به على عمر، ولم يَحْتجْ إلى الاحتجاج بعموم قوله: "إلا بحقّه".

قال الحافظ: إن كان الضمير في قوله: "بحقّه" للإسلام، فمهما ثبت أنه من حقّ الإسلام تناوله، ولذلك اتفق الصحابة على قتال من جحد الزكاة انتهى (١).

(فَمَنْ قَالَ: لَا إِله إِلَّا اللهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي) أي منع مني، وأصل العصمة من الْعِصَام، وهو الخيط الذي يُشدّ به فم القِرْبَة؛ ليمنع سيلان الماء (مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ) المراد بالحقّ بالنسبة للمال، هو الزكاة، ونحوها من الحقوق المتعلّقة به.

وأما بالنسبة للنفس فهو ما أخرجه أحمد، وأصحاب السنن بسند صحيح عن ابن عمر، أن عثمان، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم، إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصانه، فعليه الرجم، أو قَتَل عمدًا، فعليه الْقَوَد، أو ارتد بعد إسلامه، فعليه القتل"، والله تعالى أعلم.

(وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ") أي حساب سريرته على الله تعالى؛ لأنه المطّلع عليه، فمن أخلص في إيمانه، اْعماله، جازاه الله عليها جزاء المخلصين، ومن لم يُخلص في ذلك كان من المنافقين، يُحكم لي في الدنيا بأحكام المسلمين، وهو عند الله من أسوإ الكافرين.

ويستفاد منه أن أحكام الإسلام إنما تُدار على الظواهر الجليّة، لا الأسرار الخفيّة. قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: معنى قوله: (وحسابه على الله") أي فيما يستسرون به، ويُخفونه، دون ما يُخِلُّون به في الظاهر، وهذا قول أكثر العلماء.

وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تُقبل، ويُحكى ذلك أيضًا عن أحمد بن حنبل رحمهما الله. هذا كلام الخطّابيّ.

وذكر القاضي عياض معنى هذا، وزاد عليه، وأوضحه، فقال: اختصاص


(١) "الفتح" ١٤/ ٢٧٩ - ٢٨٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٨٩.