للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - منكرةً لسؤالها عما لا ينبغي السؤال عنه؛ لوضوح حكمه لدى النساء منذ عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟) الهمزة للاستفهام الإنكاريّ، و"حروريّةٌ" خبر مقدَّم، و"أنتِ" مبتدأ مؤخّرٌ، وفائدة تقدُّم الخبر الدلالة على الحصر، أي أحرورية أنت لا غير؟ (١).

قال النوويّ رحمه الله: "الْحُروريّة" - بفتح الحاء المهملة، وضم الراء الأولى، وهي نسبة إلى حروراء، وهي قرية بقرب الكوفة، قال السمعانيّ: هو موضع على ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج به، وقال الهرويّ: تعاقدوا في هذه القرية، فنُسبوا إليها، فمعنى قول عائشة - رضي الله عنها - أنّ طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض، وهو خلاف إجماع المسلمين، وهذا الاستفهام الذي استفهمته عائشة، هو استفهام إنكار، أي هذه طريقة الحرورية، وبئست الطريقة. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": "الحروريّ" منسوب إلى حروراء بفتح الحاء، وضم الراء المهملتين، وبعد الواو الساكنة راء أيضًا: بلدة على ميلين من الكوفة، والأشهر أنها بالمدّ، قال المبرد: النسبة إليها حروراويّ، وكذا كلُّ ما كان في آخره ألف تأنيث ممدودة، ولكن قيل: الحروريّ بحذف الزوائد، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج: حروريّ؛ لأن أول فرقة منهم خرجوا على عليّ - رضي الله عنه - بالبلدة المذكورة، فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرق كثيرة، لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دلّ عليه القرآن، ورَدّ ما زاد عليه من الحديث مطلقًا، ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار. انتهى (٣).

وقال العينيّ رحمه الله: وكبار فِرَق الحرورية ستة: الأزارقة، والصفرية، والنجدات، والعَجَاردة، والإباضية، والثعالبة، والباقون فروع، وهم الذين خرجوا على علي - رضي الله عنه -، ويجمعهم القول بالتَّبَرِّي من عثمان وعلي - رضي الله عنه -، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يُصححون المناكحات إلا على ذلك.


(١) "عمدة القاري" ٣/ ٤٤٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ٢٧.
(٣) "الفتح" ١/ ٥٠٢.