للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقالى الطيبيّ: قوله: وكفر من كفر: يريد غَطَفَان، وفَزَارة، وبني سُلَيم، وبني يربوع، وبعض بني تميم، وغيرهم منعوا الزكاة، فأراد أبو بكر - رضي الله عنه - أن يقاتلهم، فاعترضه عمر - رضي الله عنه - بقوله: "كيف تقاتل الناس … " (١).

وقال أبو محمد بن حزم في "الملل والنحل": انقسمت العرب بعد موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على أربعة أقسام:

طائفة بقيت على ما كانت عليه في حياته، وهم الجمهور.

وطائفة بقيت على الإسلام أيضًا، إلا أنهم قالوا: نقيم الشرائع إلا الزكاة، وهم كثير، لكنهم قليل بالنسبة إلى الطائفة الأولى.

والثالثة أعلنت بالكفر، والردّة كأصحاب طُلَيحة، وسَجَاح، وهم قليل بالنسبة لمن قبلهم إلا أنه كان في كلّ قبيلة من يقاوم من ارتدّ.

وطائفة توقّفت، فلم تُطع أحدًا من الطوائف الثلاثة، وتربّصوا لمن تكون الغلبة، فأخرج أبو بكر إليهم البعوث، وكان فيروز، ومن معه غلبوا على بلاد الأسود، وقتلوه، وقُتل مسيلمة باليمامة، وعاد طُليحة إلى الإسلام، وكذا سَجَاح، ورجع غالب من كان ارتدّ إلى الإسلام، فلم يَحُلِ الحولُ إلا والجميع قد راجعوا دين الإسلام، ولله الحمد انتهى (٢).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: كان أهل الرّدّة ثلاثة أصناف:

صنف كفر بَعْدَ إسلامه، ولم يلتزم شيئًا، وعاد لجاهليّته، واتّبَعَ مسيلمة الكذّاب، والأسودَ الْعَنسيّ، وصدّق بهما، وكان كلّ منهما ادَّعَى النبوّة قبل موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فصدّق مسيلمةَ أهلُ اليمامة، وجماعةٌ غيرهم، وصدّق الأسودَ أهلُ صنعاء، وجماعةٌ غيرهم، فَقُتِلَ الأسودُ قبل موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقليل، وبقي بعض من آمن به، فقاتلهم عمال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -، وأما مسيلمة فجهّز إليه أبو بكر الجيش، وعليهم خالد بن الوليد، فقتلوه.

وصنفٌ أقرّ بالإسلام إلا الزكاة، فجحدها، وتأوّل بعضهم أن ذلك كان خاصًّا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلَّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣)} [التوبة: ١٠٣].


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٤٨٤.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦.