للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتعقّبه النوويّ رحمه الله، فقال: والأظهر - والله أعلم - أن المراد بالتطهر الأول الوضوء، كما جاء في صفة غسله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قدَّمنا في أول كتاب الوضوء بيانَ معنى تحسين الطهور، وهو إتمامه بهيأته، فهذا المراد بالحديث. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الأظهر عندي أن المراد كلا الطهارتين؛ لأنهما مطلوبان شرعًا، فقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم -، كان إذا اغتسل من الجنابة غسل فرجه، وما أصابه من الأذى، وثبت الحثّ على إحسان الوضوء، فقد تقدّم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضّأ، فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده. . ." الحديث.

والحاصل أن قوله - صلى الله عليه وسلم - هنا: "فتطهّر، فتُحسن الطّهور" يشمل الطهارتين، فتأمل.

ومعنى إحسان الطُّهُور هو المبالغة بأداء فرائضه، ومراعاة مستحبّاته، كما سبق بيانه في أبواب الوضوء، والله تعالى أعلم.

وقوله: (الطُّهُورَ) هنا بضمّ الطاء؛ لأن المراد الفعل، وأما الطَّهُور بالفتح فاسم لما يُتطهّر به، هذا هو المشهور، لكن ذكر ابن الأثير عن سيبويه جواز الفتح أيضًا، وعبارته: "الطُّهور" بالضمّ: التطهّر، وبالفتح: الماء الذي يُتطهّر به، كالوَضُوء، والوُضُوء، والسَّحُور والسُّحُور، وقال سيبويه: الطَّهُور بالفتح يقع على الماء والمصدر معًا، فعلى هذا يجوز أن يكون الحديث بفتح الطاء وضمّها، والمراد بهما التطهّر. انتهى (١).

(ثُمَّ تَصُبُّ) بضمّ الصاد، من باب نصر (عَلَى رَأْسِهَا، فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا) من باب نصر أيضًا، يقال: دلكت الشيءَ دَلْكًا: إذا مَرَسْته بيدك، ودلكت النعلَ بالأرض: إذا مسحتها بها، أفاده الفيّوميّ (٢). (شَدِيدًا، حَتَّى تَبْلُغَ) الضمير لـ"إحداهنّ"، وفي بعض النسخ: "حتى يبلغ" بالياء، فيكون الضمير للدلك (شُؤُونَ رَأْسِهَا) بضم الشين المعجمة، وبعدها همزة، أي أصول شعر رأسها، وأصولُ الشُّؤون: المخطوط التي في عظم الْجُمْجُمة، وهو مُجْتَمَع شُعَب عظامها، الواحد منها شأن، قاله النوويّ رحمه الله (٣).


(١) "النهاية" ٣/ ١٤٧.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٩٩.
(٣) "شرح النووي" ٤/ ١٥.