للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الإسلام عليها؛ لتفرع الركنين الأخيرين عليها، فإن الصوم بدنيّ محضٌ، والحجّ بدنيّ ماليّ، وأيضًا فكلمة الإسلام، هي الأصل، وهي شاقّة على الكفار، والصلوات شاقّة؛ لتكررها، والزكاة شاقّة؛ لما في جِبِلّة الإنسان من حُبّ المال، فإذا أَذْعَنَ المرء لهذه الثلاثة، كان ما سواها أسهل عليه بالنسبة إليها. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التحقيق الذي ذكره الْبُلْقِينيّ رحمه الله تعالى حسنٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: ذكر القاضي عياض رحمه الله تعالى عند قوله: "فإذا عرفوا الله فأخبرهم إلى آخره": ما نصه: هذا يدل على أنهم ليسوا بعارفين بالله تعالى، وهو مذهب حُذّاق المتكلمين في اليهود والنصارى أنهم غير عارفين بالله تعالى، وإن كانوا يعبدوف، ويظهرون معرفته؛ لدلالة السمع عندهم على هذا، وإن كان العقل لا يَمْنَع أن يعرف الله تعالى من كَذب رسولًا.

قال القاضي عياض رحمه الله: ما عرف الله تعالى مَنْ شَبَّهَهُ، وجَسَّمه من اليهود، أو أجاز عليه البداء، أو أضاف إليه الولد منهم، أو أضاف إليه الصاحبة والولد، وأجاز الحلول عليه والانتقال والامتزاج، من النصارى، أو وصفه بما لا يليق به، أو أضاف إليه الشريك، والمعاند في خلقه من المجوس، والثَّنَويّة، فمعبودهم الذي عبدوه، ليس هو الله، وإن سَمَّوه به؛ إذ ليس موصوفًا بصفات الإله الواجبة له، فإذن ما عرفوا الله سبحانه، فتحقق هذه النكتة، واعتَمِد عليها، وقد رأيت معناها لمتقدمي أشياخنا، وبها قطع الكلام أبو عمران الفاسيّ (٢) بين عامة أهل القيروان، عند تنازعهم في هذه المسألة.


(١) "الفتح" ٣/ ٤٥٤ - ٤٥٥ كتاب الزكاة رقم الحديث (١٤٩٦).
(٢) هو الإمام الكبير العلامة عالم القيروان، أبو عمران، موسى بن عيسى الفاسيّ نزيل القيروان، تفقه بأبي الحسن القابسيّ، وهو أكبر تلامذته، ودخل الأندلس، فتفقّه بأبي محمد الأصيليّ، وسمع "صحيح البخاريّ" عن أبي ذرّ الهرويّ، محدث كثير الرواية، واسع الرحلة، عالم بالرجال والتاريخ، فقيه أصوليّ مقرئ، مع زهد وتواضع، وصلاح، من مصنفاته: فهرست شيوخه، وعوالي حديثه، و"كتاب الأمالي في الحديث"، وتعليقات تتعلّق بتراجم الرواة، توفي في ثالث رمضان=