وقوله:(فَتَتَّكِلُوا) أي تعتمدوا على هذا الحديث، فتتركوا الاجتهاد في العمل.
وقوله:(فَضَحِكَ) فيه أنه لا بأس بضحك العالم بحضرة أصحابه، إذا كان بينه وبينهم أُنْسٌ، ولم يَخْرُج بضحكه إلى حدٍّ يُعَدّ تركًا للمروءة.
وقوله:(وَقَالَ: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[الأنبياء: ٣٧]) فيه جواز الاستشهاد بالقرآن في مثل هذا الموطن، وقد ثبت في "الصحيح" مثله من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا طَرَقَ فاطمة وعليًّا - رضي الله عنهما - ثم انصرَفَ، وهو يقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[الكهف: ٥٤]، ونظائر هذا كثيرة، قاله النوويّ رحمه الله (١).
وقوله: ("ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَةِ") قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في الروايات، وهو الظاهر، وتَمّ الكلام على قوله:"أحدثكموه"، ثم ابتداء تمام الحديث، فقال:"ثم أَرْجِعُ"، ومعناه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم أرجع إلى ربي … إلخ".
وقوله عز وجل:(وَجِبْرِيَائِي) - بكسر الجيم -: أي عظمتي، وسلطاني، أو قهري.
وقوله:(لَأُخْرِجَنَّ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) معناه: لأتفضلنّ عليهم بإخراجهم من غير شفاعة، كما تقدم في الحديث السابق:"شَفَعَت الملائكةُ، وشَفَع النبيون، وشَفَع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين".
وقوله:(فَأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَن، أَنَّهُ حَدَّثَنَا بِه، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ … إلخ) إنما ذكره تأكيدًا، ومبالغةً في تحقيقه وتقريره في نفس المخاطب، وإلا فقد سبق هذا في أول الكلام، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قال في "الفتح": قال ابن التين: قال هنا: "لستُ لها"، وفي غيره:"لست هناكم"، قال: وأسقط هنا ذكر نوح، وزاد:"فأقول: أنا لها"، وزاد:"فيقول: أمتي أمتي"، قال الداوديّ: لا أراه محفوظًا؛ لأن الخلائق اجتمعوا، واستشفعوا، ولو كان المراد هذه الأمة خاصّةً، لم تذهب إلى غير نبيها، فدَلَّ على أن المراد الجميع، وإذا كانت الشفاعة لهم في فصل القضاء،