للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه لا يحصل، أو لا يحقّ أن يجد من ريح نفسه، وله حال من الأحوال إلا حال الموت، فقوله: "يجد" مع ما في سياقه فاعل "يحل" على تقدر "أن". انتهى (١).

(وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ) قال القرطبيّ: "نفسه" بفتح الفاء، و"طرفه" بسكون الراء، وهو عينه، ويعني بذلك أن اللَّه تعالى قوّى نفس عيسى -عليه السلام- حتى يصل إلى المحل الذي يصل إليه إدراك بصره، فمعناه: أن الكفار لا يقربونه، وإنَّما يهلكون عند رؤيته، ووصول نفسه إليهم، تأييدًا من اللَّه له، وعصمةً، وإظهار كرامةٍ ونعمةٍ.

وقال القاري: "ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه" بسكون الراء؛ أي، لحظه، ولمحه، ويجوز كون الدجال مستثنى من هذا الحكم؛ لحكمة إراءة دمه في الحربة؛ ليزداد كونه ساحرًا في قلوب المؤمنين، ويجوز كون هذه الكرامة لعيسى أوّلًا حين نزوله، ثم تكون زائلة حين يرى الدجال؛ إذ دوام الكرامة ليس بلازم، وقيل: النفَس الذي يميت الكافر هو النفَس المقصود به إهلاك كافر، لا النفس المعتاد، فعدم موت الدجال؛ لعدم النفَس المراد، وقيل: المفهوم منه أن من وجد من نفس عيسى من الكفار يموت، ولا يفهم منه أن يكون ذلك أول وصول نفسه، فيجوز أن يحصل ذلك بهم بعد أن يريهم عيسى -عليه السلام- دم الدجال في حربته؛ للحكمة المذكورة.

قال: ثم من الغريب أن نفس عيسى -عليه السلام- تعلق به الإحياء لبعض، والإماتة لبعض. انتهى (٢).

(فَيَطْلُبُهُ)؛ أي: يطلب عيسى -عليه السلام- الدجّال (حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ) بضم اللام، وتشديد الدال مصروف: اسم جبل بالشام، وقيل: قرية من قرى بيت المقدس، وعليه اقتصر النوويّ، وزاد غيره: سُمّي به لكثرة شجره، وفي "النهاية": موضع بالشام، وقيل: بفلسطين، (فَيَقْتُلُهُ)؛ أي: الدجّال.

(ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْقَ مَرْيَمَ) - علي السلام - (قَوْمٌ، قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ)؛ أي: من


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٥٦.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١٥/ ٤٩٠.