الأيام، حتى يكون أوّل يوم كمقدار سنة معتادة، ويبطئ بالشمس حتى يكون كمقدار شهر، والثالث حتى يكون كمقدار جمعة، وهذا ممكن، لا سيما وذلك الزمان تنخرق فيه العوائد كثيرًا، لا سيما على يدي الدجّال.
وقد تأوّله أبو الحسين ابن المنادي على ما حكاه أبو الفرج ابن الجوزيّ، فقال: المعنى: يَهْجُم عليكم غمّ عظيم؛ لشدة البلاء، وأيام البلاء طوال، ثم يتناقص ذلك الغمّ في اليوم الثاني، ثم يتناقص في الثالث، ثم يعتاد البلاء، كما يقول الرجل: اليوم عندي سنة، كما قال:
وَلَيْلُ الْمُحِبِّ بِلَا آخِرِ
قال أبو الفرج: وهذا التأويل يردّه قولهم: "أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره".
والمعنى: قدّروا الأوقات للصلاة، غير أن أبا الحسين ابن المنادي قد طَعَن في صحة هذه اللفظات، أعني قولهم:"أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره"، فقال: هذا عندنا من الدسائس التي كادنا بها ذوو الخلاف علينا قديمًا، ولو كان ذلك صحيحًا لاشتهر على ألسنة الرواة، فإن حديث الدجال قد رواه ابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد اللَّه، وحذيفة، وعبادة بن الصامت، وأُبَيّ بن كعب، وسمرة بن جندب، وأبو هريرة، وأبو الدرداء، وأبو مسعود البدريّ، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، ومعاذ بن جبل، ومُجَمِّع بن جارية -رضي اللَّه عنهم- في آخرين، ولو كان ذلك لقوي اشتهاره، ولكان أعظم، وأقطع من طلوع الشمس من مغربها.
وتعقّبه القرطبيّ، فأجاد، حيث قال: هذه الألفاظ التي أنكرها هذا الرجل صحيحة في حديث النوّاس، أخرجها الترمذيّ من حديث النوّاس، وذكر الحديث بطوله، نحوًا مِمَّا خرّجه مسلم، وقال في الحديث: حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وقد أخرجه أبو داود أيضًا من حديث عبد الرحمن بن يزيد المذكور، وذكر طرفًا من الحديث، ولم يذكره بطوله، فصحّ الحديث عند هؤلاء الأئمة، وانفراد الثقة بالحديث لا يخرم الثقة به؛ لأنَّه قد يسمع ما لا تسمعه الجماعة في وقت لا