للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من فتنته موطن (١)، اللَّهُمَّ اكفنا شرّه، وجميع المسلمين.

(يَا عِبَادَ اللَّهِ)؛ أي: أيها المؤمنون الموجودون في ذلك الزمان، أو أنتم أيها المخاطبون على فرض أنكم تدركون ذلك الأوان، (فَاثْبُتُوا")؛ أي: على دينكم، وإن عاقبكم، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا من الخطاب العام، أراد به من يُدرك الدجال من أمته، ثم قيل: هذا القول منه -صلى اللَّه عليه وسلم- استمالة لقلوب أمته، وتثبيتهم على ما يعاينونه من شرّ الدجال، وتوطينهم على ما هم فيه من الإيمان باللَّه تعالى، واعتقاده، وتصديق ما جاء به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "يا عباد اللَّه فاثبتوا": هذا من قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمر من لقي الدجّال أن يثبت، ويصبر، فإنَّ لُبثه في الأرض قليل، على ما يأتي، وأما من سمع به، ولم يلقه، فليبعد عنه، وليفرّ بنفسه، كما أخرجه أبو داود (٢) من حديث عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سَمِع بالدجّال فلينأ عنه، فواللَّه إن الرجل ليأتيه، وهو يحسب أنه مؤمن، فيتّبعه، مما يبعث به من الشبهات -أو- لِمَا يبعث به من الشبهات" (٣).

(قُلْنَا:) معاشرَ الحاضرين مجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، (يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لَبْثُهُ؟) بفتح اللام، وسكون الموحّدة؛ أي: ما قدر مكثه وتوقفه (فِي الأَرْضِ قَالَ) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("أَرْبَعُونَ يَوْمًا) أما ما ورد في رواية: "يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة"، فقال البغويّ في "شرح السُّنَّة": إنه لا يصلح أن يكون معارضًا لرواية مسلم هذه، وعلى تقدير صحته لعل المراد بأحد المكثين، مكث خاصّ، على وصف معيَّن (٤)، واللَّه تعالى أعلم.

(يَوْمٌ) أي: من تلك الأربعين (كَسَنَةٍ)؛ أي: مقدار عام في طول الزمان، أو في كثرة الغموم والأحزان، والصواب الأول. (وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهر هذا أن اللَّه تعالى يَخرق العادة في تلك الأيّام، فيُبطئ بالشمس عن حركتها المعتادة في أول يوم من تلك


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٥٣.
(٢) رواه برقم (٤٣١٩).
(٣) "المفهم" ٧/ ٢٧٩.
(٤) راجع: "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٥/ ٤٩٠.