١ - (منها): بيان شدّة اهتمام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في استكشاف أمر ابن صيّاد؛ لئلا تغترّ أمته بتلبيساته، وتمويهاته، فتضلّ عن سواء السبيل، قال العلماء: إنما استكشف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره؛ ليبيّن لأصحابه تمويهه؛ لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن في الإِسلام.
ومحصل ما أجاب به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال له على طريق الفرض والتنزل: إن كنت صادقًا في دعواك الرسالة، ولم يختلط عليك الأمر آمنت بك، وإن كنت كاذبًا، وخُلِّط عليك الأمر، فلا، وقد ظهر كذبك، والتباس الأمر عليك، فلا تعدو قَدْرك.
٢ - (ومنها): اهتمام الإِمام بالأمور التي يُخشى منها الفساد، والتنقيب عليها، وإظهار كذب المدعي الباطل، وامتحانه بما يكشف حاله، والتجسس على أهل الريب.
٣ - (ومنها): بيان أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجتهد فيما لم يوح إليه فيه.
٤ - (ومنها): الرد على من يدعي الرجعة إلى الدنيا؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر -رضي اللَّه عنه-: "إن يكن هو الذي تخاف منه، فلن تستطيعه"؛ لأنه لو جاز أن الميت يرجع إلى الدنيا لَمَا كان بين قتل عمر له حينئذٍ، وكون عيسى ابن مريم هو الذي يقتله بعد ذلك منافاةٌ، واللَّه أعلم.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا قيل، ولكنه محلّ نظر؛ فإن الرجوع إلى الدنيا واقع، فقد كان عيسى عليه السلام يُحيي الموتى، وأحيى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- عزيرًا، ويأتي في قصّة الدجال أنه يقتل رجلًا، ثم يحييه، إلى غير ذلك من الأمثلة، فتنبّه، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): أن فيه الردَّ على من يزعم أنه يرى اللَّه تعالى في اليقظة، تعالى اللَّه عن ذلك، ولا يَرِد على ذلك رؤية النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له ليلة الإسراء؛ لأن ذلك من خصائصه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعطاه اللَّه تعالى في الدنيا القوة التي يُنعم بها على المؤمنين في الآخرة.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ذكر في "الفتح" رؤية النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه في الدنيا، وقد قدّمنا اختلاف العلماء في هذا، في "كتاب الإيمان"، وأن الصواب في ذلك عدم رؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم- له؛ للأدلّة الكثيرة "الصحيحة" وبه قال جماهير