للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال مجاهد: أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو بكر، وبلال، وخبّاب، وصهيب، وعمار، وسُمية، فأما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر فمنعهما قومهما، وأما الآخرون فأُلبسوا أدراع الحديد، ثم صُهِروا في الشمس، وجاء أبو جهل إلى سُمية فطعنها بحربة، فقتلها، أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة، عن جرير، عن منصور، عن مجاهد، وهو مرسل صحيح السند.

وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن مجاهد، قال: أول شهيد في الإسلام سمية، والدة عمار بن ياسر، وكانت عجوزًا كبيرة ضعيفة، ولمّا قُتل أبو جهل يوم بدر قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمار: "قتل اللَّه قاتل أمك". انتهى (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية"، وفي رواية: "ويس، أو يا ويس"، وفي رواية: "قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية".

أما الرواية الأولى فهو "بؤس" بباء موحدة مضمومة، وبعدها همزة، والبؤس، والبأساء: المكروه، والشدّة، والمعنى: يا بؤس ابن سمية، ما أشدّه، وأعظمه.

وأما الرواية الثانية فهي "وَيْس" بفتح الواو، وإسكان المثناة، ووقع في رواية البخاريّ: "وَيْحَ" كلمة ترحّم، وويس تصغيرها، أي: أقل منها في ذلك، قال الهرويّ: "ويح" يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، فيترحم بها عليه، ويُرْثَى له، وويل لمن يستحقها، وقال الفراء: ويح، وويس، بمعنى ويل، وعن عليّ -رضي اللَّه عنه-: ويح باب رحمة، وويل باب عذاب، وقال: ويح كلمة زجر لمن أشرف على الهلكة، وويل لمن وقع فيها، واللَّه أعلم.

ثم قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (تَقْتُلُكَ فِئَةٌ)؛ أي: طائفة، وجماعة (بَاغِيةٌ")؛ أي: خارجة على الإمام الحقّ، مخالفة له، وهي جماعة معاوية -رضي اللَّه عنه-.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "تقتلك فئة باغية" بيان لقوله: "بؤس ابن سُميّة وكان من الظاهر أن يقال: "تقتله"، ولكن لما كان المراد بهذا البؤس نفسه استقام ذلك. انتهى (٢).


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٧/ ٧١٢.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٧٦٤.