للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في موضع آخر: قوله: "يسوق الناس بعصاه" هو كناية عن المُلك، شبّه بالراعي، وشبّه الناس بالغنم، ونكتة التشبيه: التصرف الذي يملكه الراعي في الغنم، وهذا الحديث يدخل في علامات النبوة من جملة ما أخبر به -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل وقوعه، ولم يقع بعدُ.

وقد روى نعيم بن حماد في "الفتن" من طريق أرطاة بن المنذر أحد التابعين من أهل الشام، أن القحطاني يخرج بعد المهديّ، ويسير على سيرة المهديّ، وأخرج أيضًا من طريق عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفيّ، عن أبيه، عن جدّه، مرفوعًا: "يكون بعد المهديّ القحطانيّ، والذي بعثني بالحقّ ما هو دونه"، وهذا الثاني مع كونه مرفوعًا ضعيف الإسناد، والأول مع كونه موقوفًا أصلح إسنادًا منه، فإن ثبت ذلك فهو في زمن عيسى ابن مريم؛ لِمَا تقدم أن عيسى عليه السلام إذا نزل يجد المهديّ إمام المسلمين، وفي رواية أرطاة بن المنذر: أن القحطانيّ يعيش في المُلك عشرين سنةً.

واستُشكل ذلك كيف يكون في زمن عيسى يسوق الناس بعصاه، والأمر إنما هو لعيسى.

ويجاب بجواز أن يقيمه عيسى نائبًا عنه في أمور مهمة عامة. انتهى (١).

[تنبيه]: ذكر ابن هشام في "كتاب التيجان" -كما قال الحافظ- ما يُعرف منه إن ثبت اسم القحطانيّ، وسيرته، وزمانه، فذكر أن عمران بن عامر كان ملِكًا متوَّجًا، وكان كاهنًا معمَّرًا، وأنه قال لأخيه عمرو بن عامر المعروف بمزيقيا لمّا حضرته الوفاة: إن بلادكم ستخرب، وإن للَّه في أهل اليمن سخطتين، ورحمتين، فالسخطة الأولى هدم سدّ مأرب، وتخرب البلاد بسببه، والثانية غلبة الحبشة على أرض اليمن، والرحمة الأولى بعثة نبي من تهامة، اسمه محمد، يُرسل بالرحمة، ويغلب أهل الشرك، والثانية إذا خَرِب بيتُ اللَّه يبعث اللَّه رجلًا يقال له: شعيب بن صالح، فيُهلك من خربه، ويخرجهم حتى لا يكون بالدنيا ايمان إلا بأرض اليمن. انتهى.

قال الحافظ: وقد تقدم في "الحج" أن البيت يُحَجّ بعد خروج يأجوج


(١) "الفتح" ٨/ ١٧٢ - ١٧٣، "كتاب المناقب" رقم (٣٥١٧).