للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

"المغني". (فَكَادَتْ)؛ أي: قربت البغلة (تُلْقِيهِ) من الإلقاء؛ أي: تُسقط النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وترميه عن ظهرها من شدّة نفرتها، وقوله: (وَإِذا) بالألف للمفاجأة؛ أي: ففاجأنا (أَقْبُرٌ) بفتح، فسكون، فضم: جمع قبر، كفلس وأفلس، وقوله: (سِتَّةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ) بدل من "أقبر"، و"أو" فيها للشك، كما بيّنه بقوله: (قَالَ) ابن عليّة (كَذَا)؛ أي: مثل ما تقدّم بالترديد والشكّ. (كانَ يَقُولُ) سعيد (الْجُرَيْرِيُّ)؛ يعني: أنه رواه بالشك في عدد الأقبر، هل هي ستة، أو خمسة، أو أربعة؟.

(فَقَالَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه الحاضرين لديه في ذلك المكان: ("مَنْ) استفهاميّة؛ أي: أيّ شخص (يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟ " أي: ذواتهم، وصفاتهم، وتاريخ وفاتهم، وأيام حياتهم، (فَقَالَ رَجُلٌ) لم يسمَّ، (أَنَا)؛ أي: أعرفهم. (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- إذا كنت تعرفهم ("فَمَتى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ ") أفي الجاهلية، أم بعدها، مشركين، أو مؤمنين؟ (قَالَ (الرجل: (مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ)؛ أي: في زمنه، أو صفته، وقال ابن حجر الهيتميّ: أي: بعد بِعثتك، بدليل قوله: "إن هذه الأمة تبلى إلخ". (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ)؛ أي: جنس الأمة، فـ "هذه" إشارة لِمَا في الذهن، وخبره بيان له، كهذا أخوك، وأصل الأمة: كل جماعة يجمعهم أمر واحد، إما دين، أو زمان، أو مكان، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرًا، أو اختيارًا (١). (تُبتَلَى)؛ أي: تُمتحن (فِي قُبُورِهَا) بسؤال الملَكين، وغيره، ثم تنعّم، أو تعذّب. (فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا) بحذف إحدى التاءين، "كقوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، و {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} [القدر: ٤]؛ أي: لولا مخافة عدم التدافن إذا كشف لكم، (لَدَعَوْتُ اللهَ)؛ أي: سألته (أَنْ يُسْمِعَكُمْ) من الإسماع مفعول ثان لـ"دعوت" على تضمين "سألت" أن يجعلكم سامعين (مِنْ عَذَابِ القَبْرِ) يَحْتَمِل أن تكون "من" للتبعيض، ويَحْتَمِل أن تكون زائدة، قال في "الأزهار" قيل: المعنى: المانع من الدعاء هو الخوف، والحيرة، والدهشة، وانخلاع القلب، وقيل: المانع ترك الإعانة في الدفن، وقال التوربشتيّ: لو سمعوا ذلك لأهمَّ كلَّ واحد منهم خُويصّة نفسه، وعمَّهم من ذلك البلاء العظيم، حتى أفضى بهم إلى ترك التدافن، وخَلَع الخوف أفئدتهم، حتى لا يكادوا يقربون جيفة ميت) (٢).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٥٩٢.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١/ ٣١٨.