للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أفادت عبارة الفيّوميّ هذه أن ما نفاه المجد بقوله: "ولم يُسمَع صَعِد فيه" مسموع، إلا أنه قليلٌ، وقد ذكر المرتضى في "التاج" ما يؤيّد ما قاله الفيّومي، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (الثَّنِيَّةَ) بالنصب مفعول "يصعد"، وهي الطريق الصاعد في الجبل، وقوله: (ثَنِيَّةَ الْمُرَارِ) بالنصب بدل، أو عطف بيان لـ "الثنيّة"، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "من يصعد الثنية ثنية المرار" هكذا هو في الرواية الأُولى: "المرار" بضم الميم، وتخفيف الراء، وفي الثانية: "الْمَرَار"، أو "الْمُرار" بضم الميم، أو فتحها على الشكّ، وفي بعض النسخ بضمها، أو كسرها، واللَّه أعلم.

و"المرار" شجر مُرّ، وأصل الثنية: الطريق بين جبلين، وهذه الثنية عند الحديبية، قال الحازميّ: قال ابن إسحاق: هي مهبط الحديبية. انتهى (١).

وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "المرار" بضم الميم، وهو المشهور، على ما في "النهاية"، وبعضهم يكسرها، وبعضهم يقوله بالفتح، وهو موضع بين مكة والحديبية، من طريق المدينة، وإنما حثّهم على صعودها؛ لأنها عقبة شاقّة، وصلوا إليها ليلًا حين أرادوا مكة سنة الحديبية، فرغّبهم في صعودها، بقوله: (فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ) بالبناء للمفعول، وهو جواب الشرط، أو خبر المبتدأ، وقوله: (مَا حُطَّ) مبنيّ للمفعول أيضًا، و"ما" موصول هو نائب فاعل "يُحطّ"، (عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)؛ يعني: أنه يوضع عنه مثل ما وُضع عن بني إسرائيل؛ أي: لو قالوا ما أُمروا به، وفيه إيماء إلى قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: ٥٨]؛ أي: قولوا: حُطّ عنّا ذنوبنا حِطّةً، لكنهم ما قالوه، فلم يُحطّ عنهم.

(قَالَ) جابر -رضي اللَّه عنه-: (فَكَانَ أَوَّلَ) بالنصب على أنه خبر "كان" مقدّمًا، ويحوز العكس، لكن الأول أَولى. (مَنْ صَعِدَهَا)؛ أي: تلك الثنيّة، (خَيْلُنَا) معاشر الأنصار، وقوله: (خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ) مرفوع على أنه بدل، أو عطف بيان لـ "خيلُنا"، وبنو الخزرج هم قبيلة جابر -رضي اللَّه عنه-، والمعنى أنه كان خيلُنا أولَ


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٢٦.